يُعد عمل الأطفال انتهاكًا لحقوق الإنسان ويدمر الصحة والتنمية الشخصية بناءً على سن الطفل، والأنشطة التي يمارسها، والمخاطر المتضمنة، وساعات العمل وظروفه. ويكثر عمل الأطفال في مجال الزراعة؛ وهي تُعد أكثر القطاعات خطورة من حيث الوفيات، والحوادث غير المميتة، والأمراض المهنية التي قد تستمر حتى الكبر. والأطفال تحديدًا أكثر عرضة للخطر، إذ لا تزال أجسامهم وعقولهم في مرحلة النمو، ومن ثَمَّ يكونون أكثر عرضة للمخاطر.
وفي الواقع، لا تعد مشاركة الأطفال في بعض الأنشطة الزراعية دائمًا عمالة لهم، ومن الضروري أن نميز بين المهام البسيطة التي لا تضر بالطفل، وعمل الأطفال. فالمهام غير الخطرة، والمناسبة لسنهم، والتي لا تتعارض مع الدراسة وأوقات الراحة قد تكون إيجابية؛ فهي تسهم في نقل المهارات والخبرة بين الأجيال، والحفاظ على الأمن الغذائي للأطفال؛ كما أن تلك المهام ينتج عنها أيضًا بعض الصفات التي يمكن ملاحظتها بين الصغار الذين يشاركون في بعض المهام التي ترتبط بالعمل الزراعي؛ مثل تحسين الثقة في النفس، واحترام الذات، ومهارات العمل.
ومع ذلك، فإن ما يقرب من 100 مليون طفل وطفلة يتخطى عملهم في الزراعة ذلك الحد، ويعد عملًا مرفوضًا للأطفال، ولكن يتداخل القضاء على عمل الأطفال في الزراعة مع قضايا تنموية أخرى. فالفقر يعد أحد الأسباب الرئيسية إلى جانب محدودية إتاحة التعليم ذي الجودة، والانطباعات التقليدية تجاه مشاركة الأطفال في الأنشطة الزراعية. وعمل الأطفال في كثير من الأحيان يكون خيارًا بين الحياة والموت بالنسبة للأطفال الذين لا يقدر آباؤهم على إعالة أسرهم، فيؤدي إلى استمرار حلقة من الفقر.
وعندما يُجبر الأطفال على العمل لساعات طويلة، يصبحون غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة أو الحصول على تدريب مهني؛ مما يمنعهم من الحصول على تعليم يساعدهم على تخطي الفقر. وبدون تعليم، من الأرجح أن يظل هؤلاء الأولاد والبنات فقراء؛ وباستمرار الفقر، تُقوَّض الجهود الرامية إلى الوصول إلى أمن غذائي مستدام والقضاء على الجوع. لذا، يعد الفقر سببًا ونتيجة في الوقت نفسه، وتلك الحلقة المفرغة يجب أن يتم كسرها.
Credits: Image by Larry C. Price. Philippines, 2013. Pulitzer Center.
يعد عمل الأطفال قضية زراعية في جميع أنحاء العالم؛ حيث يُقوض كلًّا من الزراعة المستدامة والأمن الغذائي؛ ولا يمكن القضاء عليه بالحد من الفقر فقط. فيجب أن تؤخذ تدابير حاسمة للتأكد من أن الأطفال غير مضطرين للعمل لزيادة دخل أسرهم. وتشمل تلك الإجراءات حماية الأسر الضعيفة، وإتاحة الخدمات الاجتماعية، وإيجاد فرص عمل ملائمة لمن هم في سن العمل.
ومن أجل معالجة تلك القضية، تركز كلٌّ من منظمتي الأغذية والزراعة والعمل الدولية بشكل كبير على مكافحة عمل الأطفال في الزراعة من خلال إطلاق عدة مبادرات منذ عام 2007؛ كما تم تحديد يوم 12 يونية من كل عام يومًا عالميًّا لمكافحة عمل الأطفال؛ وذلك لزيادة الوعي بحالات الأطفال الذين يعملون بالزراعة حول العالم، وكذلك بأهمية معالجة ذلك الانتهاك لحقوق الإنسان لتحقيق الأمن الغذائي والحد من الفقر.
عمل الأطفال مشكلة ذات أبعاد عديدة؛ ويصعب القضاء عليها تمامًا، ولكنه ليس أمرًا مستحيلًا. فالأجيال الجديدة لها الحق في الالتحاق بالمدارس، والتمتع بالحماية والرعاية، وعدم مواجهة أية انتهاكات أو الحرمان من طفولتهم؛ فلهم الحق أن يكونوا أطفالًا. وإذا توافرت لدينا آليات فعالة، وإرادة قوية، بمشاركة الجميع، فسوف يصبح القضاء على عمل الأطفال حلمًا يسهل تحقيقه.
«أعطني كتابًا، لا معولًا» عنوان لوحة رسمتها طفلة تبلغ من العمر 11 عامًا؛ نُشرت ضمن مجموعة من الأعمال الفنية لأطفال من جميع أنحاء العالم في كتاب بعنوان «رؤية الأطفال لعمل الأطفال».
Credits: Drawing - International Labour Organization (ILO)
المراجع
www.fao.org
www.ilo.org
www.fao-ilo.org/fao-ilo-child
Credits Banner Image Freepik
هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في «كوكب العلم»، عدد خريف 2015.