يقدم هذا المقال لمحات عن أبرز الاكتشافات العلمية والاختراعات التي قدمها العلماء بالقاهرة وصقلية في العصر الذهبي للإسلام.
القاهرة في عيون الناظرين
كان أبو العلي الحسن بن الهيثم (نحو 965-1039م) المعروف بالهازن في الغرب، أول من اختبر الفرضيات عن طريق التجارب التي يمكن التحقق منها، ومن ثم طور ذلك الأسلوب العلمي أكثر من 200 عام قبل أن يعرفها العلماء الأوروبيون عن طريق قراءة كتبه.
كان ابن الهيثم أول من طبق علم الجبر على علم الهندسة، مؤسسًا فرع الرياضيات المعروف بالهندسة التحليلية. ويبدو أنه قد كتب نحو 92 عملاً، تبقى منها 55 عملاً. وكان علم البصريات من المواضيع الأساسية التي قام بالكتابة عنها، بما في ذلك نظريات الضوء والنظر، وعلم الفلك وعلم الرياضيات، متضمنًا الهندسة ونظرية الأعداد.
ويُعتبر «كتاب المناظر»، وهو عمل يتألف من سبعة أجزاء، من أهم أعماله. وكان «المجسطي» لبطليموس أهم الأعمال التي تناولت علم البصريات فيما سبق. وضح ابن الهيثم، في الجزء الأول، أن دراسته للضوء ستعتمد على الأدلة التجريبية بدلاً من النظرية المجردة. ولاحظ أن الضوء نفسه بغض النظر عن مصدره، معطيًا بذلك التفسير الأول الصحيح للنظر، ومبينًا أن الضوء ينعكس من الشيء المرئي إلى العين.
وقد قادته دراسته في علم البصريات إلى اختبار فرضيته بأن "الضوء والألوان لا يختلطان في الهواء"، وبالتالي ابتكر أول كاميرا حجرة مظلمة في العالم؛ حيث راقب ما يحدث عندما تتداخل أشعة الضوء عند مدخلها، وقام بتسجيل النتائج. وفي الجزء الثاني، يناقش ابن الهيثم الإدراك البصري، بينما يختبر في الجزء الثالث الظروف اللازمة للرؤية الجيدة وكيف تحدث الأخطاء البصرية. أما الجزء الرابع، فهو من أهم الأجزاء؛ حيث يناقش نظرية الانعكاس، بينما يركز في الجزء الخامس على المرايا الأسطوانية والمخروطية. أما الجزء السادس، فيحلل فيه ابن الهيثم أخطاء الرؤيا نتيجة الانعكاس، بينما يتناول في الجزء السابع الانكسار.
الزيج الحديث بالقاهرة
شهد أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد يونس الصدفي (نحو 950-1009م) الفتح الفاطمي لمصر، وقد شهد تأسيس القاهرة عام 969م. وقد عمل لدى اثنين من خلفاء ذلك العصر؛ حيث قام ببعض الملاحظات الفلكية لهم وذلك ما بين عامي 977 و1003م.
وتنبع أهمية ابن يونس في تاريخ علم الفلك لإنتاجه «الزيج الحكيمي الكبير»، والزيج هو كتيب فلكي به جداول، وهو مثال جيد لهذه الفئة من الكتيبات الفلكية. ويتميز هذا العمل عن غيره من الكتيبات الباقية بأنه يبدأ بقائمة من الملاحظات، والتي قام بها ابن يونس وبعض مَنْ سبقوه. وفي كثير من النواحي، فإن أعماله الفلكية لها مظهر حديث؛ حيث استخدم الكثير من العوامل التي تعتبر أعلى بكثير من تلك التي استخدمها أسلافه. كما كان ابن يونس معروفًا بحساباته الدقيقة واهتمامه بالتفاصيل.
صقلية: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
ولد أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس القرطبي الحسني (1099-1166م) في سبتة في إسبانيا، وتلقى تعليمه في قرطبة، ثم سافر بعيدًا من أجل دراساته، منتهيًا به الحال في قصر نورمان في باليرمو. وتكمن مساهمته الرئيسية في النباتات الطبية كما ورد في العديد من كتبه، وخاصةً كتاب "الجامع لصفات أشتات النباتات". وقد قام بدراسة ومراجعة كل الكتب المتعلقة بموضوع النباتات الطبية، فقام بتجميع النباتات والبيانات التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا مضيفًا إياها إلى علم النباتات مع إشارة خاصة إلى النباتات الطبية.
وعلاوة على ذلك، فقد قدم مساهمات أصلية إلى الجغرافيا، وخاصةً المتعلقة بالاقتصاد والعوامل المادية والجوانب الثقافية. وقد قام بوصف العالم في كتاب «الروجاري»، والذي عرف أيضًا باسم «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»؛ والذي يُعتبر عمليًّا موسوعة جغرافية في ذلك الوقت، فلا يحتوي على معلومات عن آسيا وإفريقيا فحسب بل عن البلدان الغربية أيضًا. وفي وقتٍ لاحق، قام الإدريسي بتجميع موسوعة جغرافية أخرى أكبر من السابقة، وقد سميت «روض أناس ونزهة النفس».
المراجع
Foundation for Science Technology and Civilization
1001 inventions: "Muslim Heritage in Our World" Book
wikipedia.org
plato.stanford.edu
britannica.com
hps.cam.ac.uk
ibnalhaytham.net
ummah.net
groups.dcs.st-and.ac.uk
history.mcs.st-and.ac.uk
Top Image: Islam and Science | TheScienceFaith.com
نشر المقال في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد الفصل الدراسي الثاني 2010/2011.