كان بديع الزمان الجزري عالم هندسة ومخترع عربي عاش في الفترة التي يُطلق عليها «العصر الذهبي للإسلام» خلال القرنين الـثاني عشر والثالث عشر. وكانت ساعة الفيل بين اختراعات عديدة قدمها، وتحتوي على آلية مائية تعمل بالوزن على شكل فيل آسيوي. جميع عناصر الساعة موجودة داخل بيت فوق الفيل؛ إذ صممت لتتحرك وتصدر صوتًا كل نصف ساعة. بجانب معرفة الوقت، تحتفل الساعة بشمولية الإسلام من خلال دمج العناصر من الصين، ومصر، والهند، والعراق، وفينيقيا، وإسبانيا.
بنى الجزري ساعته على شكل فيل يحمل كرسيًّا على كتفيه؛ إذ توجد فوق عمود زوايا الكرسي قلعة ذات قبة صغيرة عليها طائر. وتوجد شرفة على القلعة من ناحية رأس الفيل؛ إذ يجلس رجل داخل الشرفة وعلى جانبيه صقرين. بين أعمدة الشرفة يوجد ذراع يلتف حوله ثعبانين، كما توجد نصف كرة على منتصف الكرسي، بالإضافة إلى منصة بها كاتب بيده قلم. يوجد على المنصة قوس منقسم إلى سبع درجات ونصف، ويجلس سائق الفيل على رقبته ممسكًا في يده اليُمنى فأسًا وفي يده اليسرى عصا، وتوجد زهريتين على جانبي رقبة الفيل.
عندما يصل القلم إلى سبع درجات ونصف في نصف ساعة يبدأ الطائر في الغناء ويتلون نصف الفتحة باللون الأبيض؛ ثم يرفع الرجل الجالس بالشرفة يده اليمنى من على الصقر على الجانب الأيمن ويضع اليسرى على الصقر على الجانب الأيسر. وتقع الكرة من على الصقر على الجانب الأيمن لتدخل فم الثعبان على الجانب الأيمن؛ حيث يحمل الثعبان الكرة إلى الزهرية على كتف الفيل الأيمن.
يقوم سائق الفيل بضرب الفيل على رأسه باستخدام الفأس؛ ثم يرفع يده الممسكة بالعصا ويضرب الفيل على رأسه. تخرج الكرة من صدر الفيل، ويسقط الجرس المعلق على بطنه؛ ليصدر صوتًا معلنًا أن نصف ساعة قد مرت. يخرج قلم الكاتب من علامة الدرجات، ومن ثمَّ تتكرر نفس العملية عند الصقر والثعبان الموجودين على الجانب الأيسر؛ حيث تصبح الفتحة هذه المرة كلها بيضاء معلنة أن ساعة قد مرت.
تعد ساعة الجزري الآلية التي تبلغ من العمر 900 عامًا، والتي عرضت مبادئ الفيزياء والهندسة الميكانيكية مثالًا لريادة المسلمين في مجال الآلية الحديثة والروبوتات. وأوضحت رسومات التصميم التفصيلية وتعليماته في كتاب «معرفة الأجهزة الميكانيكية الذكية» الذي كتبه الجزري في عام 1206، ويضم وصف لخمسين آلة مثل الحيوانات الآلية، والإنسان الآلي، والبوابات الآلية، فضلاً عن الساعات.
المراجع
www.1001inventions.com
http://museum.kaust.edu.sa
http://inhabitat.com
هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في مجلة «كوكب العلم»، عدد شتاء 2016.