الأسمدة مواد طبيعية أو صناعية تضاف إلى التربة الزراعية لمدِّ النباتات بكمٍّ أكبر من المغذيات الضرورية لنموها. فتقول التقديرات إن حوالي 30% إلى 50% من محصول النباتات يعود الفضل في إنتاجه للأسمدة الطبيعية أو التجارية المصنعة.
بصفة عامة، تحسن الأسمدة من عملية نمو النباتات. وهناك طريقتان أساسيتان لتحقيق ذلك الهدف؛ الأولى تقليدية تنطوي على وضع مواد إضافية تمدُّ بالمغذيات، والثانية أن تقوم بعض الأسمدة بتحسين كفاءة التربة في الاحتفاظ بالمياه والتشبع بالهواء.
وتتنوع إنتاجية المحاصيل من بلد لآخر بشكل كبير؛ فالدول المتطورة تتمتع بإنتاجية زراعية أكبر بكثير من الدول النامية. وهناك العديد من العوامل المسئولة عن هذا التباين؛ إحداها الأسمدة.
فمساحات كبيرة من الأراضي القابلة للزراعة بالأسمدة، والمستخدمة حاليًّا في إنتاج الغذاء للعالم، غير خصبة بدرجة كافية، ولذلك فهي أقل إنتاجية بكثير مما يمكن أن تكون. فقد أظهرت بعض دراسات الأسمدة أن إضافة سماد أساسي من النيتروجين، والفسفور، والبوتاسيوم لحقل غير مخصِّب سابقًا من شأنه مضاعفة المحصول.
يعتبر استخدام الأسمدة في الدول المتقدمة من المسلمات في الزراعة؛ غير أنها لا تستخدم في أغلب الأراضي الزراعية بالدول النامية. في بعض الأحيان، يقوم الفلاح بترك الأرض لترتاح لفترة؛ وفي أحيان أخرى يستخدم الورث بوصفه سمادًا طبيعيًّا، غير أن الروث ليس بكفاءة سماد النيتروجين، والفسفور، والبوتاسيوم.
تصنَّع جميع الأسمدة النيتروجينية – مثل: نترات الأمونيوم (NH4NO3)، واليوريا CO(NH2)2 – من الأمونيا (NH3) التي يتم إنتاجها من خلال عملية هابر-بوش(1). وفي هذه العملية التي تنطوي على طاقة عالية، يقدم الغاز الطبيعي (CH4) الهيدروجين، بينما يأتي النيتروجين (N2) من الهواء.
ويتم الحصول على الفوسفاتيات عن طريق الاستخلاص من المعادن التي تحتوي على الأيونات سالبة الشحنة PO4. في حالات نادرة، تعالج الحقول الزراعية بالمعدن المسحوق؛ ولكن في أغلب الحالات، يتم إنتاج أملاح أكثر قابلية للذوبان عن طريق المعالجة الكيميائية للمعادن الفوسفاتية. ويطلق على أشهر المعادن التي تحتوي على الفوسفات الصخور الفوسفاتية، وأهمها الفلورو أباتيت Ca5(PO4)3F (CFA) والهيدرو أباتيت Ca5(PO4)3OH. تتحول هذه المعادن لأملاح فوسفاتية قابلة للذوبان عند معالجتها بالأحماض الكبريتية أو الفسفورية.
بينما تصنَّع أسمدة البوتاسيوم من البوتاس، وهو مزيج من مركبات معادن البوتاسيوم. والبوتاس يذوب في الماء، وهكذا فإن الجهد الأساسي في استخلاص هذه المغذيات من المعدن الخام يتضمن خطوات للتنقية؛ مثل إزالة كلوريد الصوديوم (NaCl)، أو ملح الطعام. أحيانًا ما تتم الإشارة للبوتاس برمز K2O بما يتناسب مع وصف محتواه من البوتاسيوم؛ ولكن في الواقع، فإن أسمدة البوتاس عادة ما تكوِّن كلوريد البوتاسيوم، أو كبريتات البوتاسيوم، أو كربونات البوتاسيوم، أو نترات البوتاسيوم.
وعلى عكس الأسمدة الكيميائية التي تستخرج من المعادن؛ مثل صخور الفوسفات أو تصنَّع؛ مثل الأمونيا، فإن الأسمدة العضوية تستخرج من المواد الحيوانية والنباتية؛ مثل خليط المخلفات الحيوانية والنباتية والروث. وتضم الأسمدة العضوية موادَّ عضوية طبيعية؛ مثل مخلفات الحيوان الناتجة عن صناعة اللحوم، والأنسجة النباتية، والروث، والطين، ومخلفات الأسماك.
Image source.
لطالما كان تأثير صناعة الأسمدة على البيئة محل سجال. فالمشكلة أننا نستخدم كم هائل من الأسمدة في التربة؛ لأن لدنيا مليارات الأفواه لنطعمها حول العالم. وكما ذكرنا، فإن نسبة كبيرة من الناتج الإجمالي ترجع إلى استخدام الأسمدة الصناعية أو غير العضوية، والتي تحتوي على مكونات؛ مثل النيتروجين والبوتاسيوم. وهذه المواد الكيميائية والمعدنية تساعد في زيادة نمو النباتات؛ غير أن لها تأثيرات جانبية وخيمة على المدى الطويل.
ويختلف التأثير البيئي باختلاف المواد الكيميائية المكوِّنة للسماد، وباختلاف طريقة استخدامها، ومعدله، ووتيرته. بشكل أساسي، تتمثل المشكلات المتعلقة بالموضوع في تقليل جودة التربة، وتغير بيولوجية المسطحات المائية، والتأثير على صحة الإنسان بشكل عام، إلى جانب التأثيرات المتعلقة بالتوازن البيئي وتغير المناخ.
غير أنه ليس بوسعنا حرمان العالم النامي من الأسمدة الصناعية التجارية من أجل البيئة فحسب. فإن إنتاج الأغذية العضوية قد يجلب لنا أطعمة أصح وأقل ضررًا بالبيئة، ولكن حاجة الجوع للطعام تفوق هذه الاعتبارات أهمية. فلا يمكننا أن نقرر فجأة التوقف عن استخدام الأسمدة الكيميائية بسبب تأثيراتها على البيئة. ولكن، ما بوسعنا أن نفعله هو العمل على تطوير أسمدة عضوية أفصل جدوة وأقل سعرًا؛ لتستطيع منافسة الأسمدة الكيميائية، وتساعدنا على نسج سيناريوهات بديلة لمستقبل صناعة الأسمدة.
المصطلحات
- عملية هابر- بوش هي طريقة صناعية لإنتاج النشادر من النيتروجين والهيدروجين، وهي الطريقة الرئيسية في إنتاج الأمونيا ابتكرها الكيميائي الألماني فريتز هابر عام 1909 م.
المراجع
hungermath.wordpress.com
sustainablebabysteps.com
environment.nationalgeographic.com
Cover image by jcomp Image by jcomp on Freepik.