مشكلة الغذاء بين ندرته وتوزيعه

شارك

هل يتعلق الأمر بندرة الغذاء؟ أو توزيعه غير المتوازن؟ هذا السؤال يلخص أمورًا كثيرة فيما يتعلق بمشكلة الجوع في جميع أنحاء العالم. فعلى الرغم من أن الإحصائيات تشير إلى أن العالم ينتج ما يكفي من الغذاء لإطعام 10 مليارات شخص، فلا يزال الملايين يعانون من الجوع، وخاصة في البلدان النامية. لذلك، لا يتعلق الأمر بإنتاج الطعام؛ ففي كثير من الحالات، تكون الأسباب وراء سيطرة الجوع هي الاقتصاد وكيفية توزيع الطعام وليس ندرته.

مما لا شك فيه أن الوضع معقد؛ حيث إن هناك عوامل عدة تساهم فيه، مثل زيادة عدد السكان من جهة، وتناقص الأراضي والمياه والموارد الأخرى من جهة أخرى، الأمر الذي سوف يزداد سوءًا في المستقبل القريب مع زيادة عدد السكان الذين يحتاجون إلى الطعام في ظل قلة الموارد لإطعامهم. ومع ذلك يبدو أن المشكلة قد تتلخص في عدم المساواة بدلًا من نقص الموارد.

مسألة اقتصادية

وفقًا للأمم المتحدة: «يتحقق الأمن الغذائي عندما يتمكن جميع الناس، في جميع الأوقات، من الوصول إلى طعام كافٍ وآمن ومغذٍّ يلبي احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لحياة نشطة وصحية». كما تشير اللجنة أيضًا إلى أهمية الرعاية الصحية المناسبة، ورعاية الطفل، والنظافة لترجمة الأمن الغذائي إلى تغذية آمنة.

على الرغم من أن الحصول على الغذاء الكافي والمغذي حق من حقوق الإنسان الواجب توافرها للجميع، فإن تجربة الحياة الواقعية تظهر أنه لا تحمي الأسواق ولا الحكومات هذا الحق لمواطنيها الذين يحتاجون إلى الغذاء. ونتيجة لذلك، يُمنح هذا الامتياز لأولئك الذين ينتجون الغذاء فقط، وينظمون المجتمع لتحقيق هذه الحماية. وفي سيناريوهات عديدة ونتيجة لهذه المشكلة، فإنه مع نقص المعروض من المواد الغذائية، تزداد الأسعار ويقل عدد الأشخاص القادرين على الحصول على احتياجاتهم الغذائية الأساسية للبقاء على قيد الحياة.

ضحايا نقص الغذاء

أكثر الفئات تضررًا من سوء التغذية ونقص الغذاء هم الأطفال والأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية. فيتأثر الأطفال بشدة بنقص التغذية لأنه يؤثر بشكل كبير في نموهم جسديًّا وعقليًّا؛ حيث إن الحصول على الغذاء الكافي خلال أول ألف يوم من حياتهم أمر مهم للغاية لأجيال قادمة ذات صحة جيدة.

تشير الإحصائيات إلى أن نحو 5 ملايين طفل يموتون كل عام بسبب سوء التغذية خلال ذلك الوقت الهام لنموهم، وأن 98% من جياع العالم موجودون في البلدان النامية. كذلك من يعيشون في المناطق الريفية والذين يعتمدون على الزراعة يتأثرون بشكل كبير بهذه المشكلة؛ لأن وصولهم إلى الغذاء مرتبط بوصولهم إلى الموارد الطبيعية، والدمار البيئي، وتغير المناخ.

خطوات نحو عالم أفضل

يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على الجوع من خلال التحول من نموذج تنموي قائم على المساعدات إلى نموذج قائم على حقوق الإنسان يحتوي المجموعات المهمشة والمستبعدة من التخطيط التنموي. فهناك حاجة إلى مجهود كبير لتفادي الممارسات التي تزيد الآثار السلبية لإنتاج الغذاء واستهلاكه على المناخ، والمياه، والأنظمة البيئية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تهيئة بيئة صحية تضمن حقوق الإنسان دوليًّا، ويمكن تحقيقها من خلال:

  1. تشجيع الحكومات على العمل من أجل تماسك السياسات، عن طريق وضع سياسات زراعية متوافقة مع الاستدامة البيئية وقواعد التجارة بما يتوافق مع الأمن الغذائي.
  2. وضع حقوق الإنسان في صميم جميع الجهود التي تستهدف القضاء على الجوع، ووضع إطار قوي للمساءلة والإرادة لفرض ذلك.

بعض الإنجازات

من بين أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة هدف «القضاء التام على الجوع»، والذي يهدف إلى إنهاء جميع أشكال الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2030؛ وبالفعل تم تحقيق عدد من المقاصد، بما في ذلك:

  • تقليل عدد الأفراد الذين يعانون سوء التغذية إلى النصف تقريبًا خلال العقدين الماضيين بفضل النمو الاقتصادي السريع وزيادة الإنتاج الزراعي.
  • الآن، بإمكان بلدان نامية عديدة عانت من المجاعات والجوع تلبية احتياجاتها الغذائية.
  • فحققت كل من آسيا الوسطى والشرقية، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي تقدمًا هائلًا في القضاء على الجوع الشديد.

ومع ذلك، فلا يزال الجوع وسوء التغذية يشكلان عائقًا كبيرًا أمام التنمية في بلدان عديدة. فابتداءً من 2017، كان هناك نحو 821 مليون شخص يعانون من سوء التغذية المزمن، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة مباشرة للتدهور البيئي، والجفاف، وفقدان التنوع البيولوجي. يعاني أكثر من 90 مليون طفل دون سن الخامسة من نقص الوزن بشكل خطير؛ فيتزايد نقص التغذية وانعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع مناطق إفريقيا تقريبًا، وكذلك في أمريكا الجنوبية.

ولأن المشكلة قد تكون نتيجة لعدم المساواة وليس نقص الغذاء، فمن أجل تحقيق هدف «القضاء التام على الجوع» يجب أن نعمل معًا ونبذل قصارى جهدنا في تشجيع الزراعة المستدامة، ودعم صغار المزارعين وتكافؤ فرص الوصول إلى الأرض، والتكنولوجيا، والأسواق. وعلى نطاق أوسع، نحتاج إلى تعاون دولي لضمان الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا لتحسين الإنتاج الزراعي.

المراجع

awfw.org

hsi.org

The Guardian

Cover Image by freepik

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية