أشعة الشمس الباكرة التي تبشر ببداية يوم جديد، والنجوم التي ترشد المسافرين صوب الشمال، ونيران الفنارات القديمة تمثل جميعها رسائل ضوئية غير منطوقة وطريقة فريدة للتواصل.
فاستُخدم الضوء منذ القدم هاديًا للسفن المرتحلة، سواء كان في صورة أخشاب مشتعلة، أو مشاعل، أو مصابيح زيتية، أو فنارات وقفت شامخة على الشواطئ تؤدي دورها في مساعدة السفن على الوصول إلى وجهاتها سالمة. والرسالة التي تبعثها الفنارات واضحة؛ ففحواها أن إما انتبه إلى ضوئي، وإما أنك قد وصلت سالـمًا. وقد كان ذلك مجرد بداية التواصل من خلال الضوء.
فبعد اختراع التيليغراف ألحت الحاجة إلى تطوير نظام تشفير، وكان الهدف من ذلك النظام هو ترجمة اللغة إلى نبضات تُرسل عبر الأسلاك. فابتكر المخترع والرسام الأمريكي صامويل مورس في عام 1838 شفرة مورس، وهي إشارات تأخذ صورة نبضات كهربائية تتحرك عبر الأسلاك. وكانت هذه النبضات تحرك مغناطيسًا يحرك بدوره واضع علامات يُصدر شفرات مكتوبة.
حوَّل مورس الحروف الأبجدية إلى شفرات تتألف من نقاط وخطوط متقطعة، وأشهر هذه الشفرات شفرة النجدة "SOS". ولم تقتصر شفرة مورس على إرسال الإشارات من خلال النبضات الكهربائية، بل تطوَّرت من مجرد نقاط وخطوط متقطعة إلى إشارات أخرى عديدة تضمنت الأصوات والومضات الضوئية؛ مثل إشعال مصدر للضوء وإطفائه لإرسال معلومات.
والتواصل البصري نوع من إرسال المعلومات باستخدام الضوء، وهو طريقة مفيدة جدًّا في نقل المعلومات، وبخاصة إلى السفن المبحرة التي لم تملك طريقة أخرى للتواصل. وإحدى الطرق الشهيرة للتواصل عبر الضوء هي استخدام مصباح الإشارة، والمعروف أيضًا بمصباح ألديس تيمنًا بمخترعه. أحيانًا ما اعتمدت هذه المصابيح على شفرة مورس، وكانت تستخدم بشكل أساسي في سفن البحرية وأبراج التحكم داخل المطارات. وفي يومنا هذا تستخدم مصابيح ألديس في المطارات بوصفها معدات احتياطية. وهي لا تبعث رسائل معقدة، بل رسائل أساسية فقط؛ مثل: توقف أو اهبط.
ولم تعد شفرة مورس مستخدمة في الوقت الحالي، سواءٌ في شكلها المكتوب (نقاط وخطوط متقطعة) أو ومضات ضوئية (إشارات)؛ حيث حلَّ محلها طرق أكثر تقدمًا وسرعة في التواصل.
لقد استخدم الضوء في التواصل منذ قديم الزمان؛ وإشارات المرور مثال على ذلك. فيعني الضوء الأحمر "توقف"، والأخضر «انطلق»، والأصفر «انتبه». كما يلعب الضوء دورًا هامًّا في تنظيم المرور، فإنه يلعب الدور ذاته في البحار؛ فجميع السفن تخضع لقواعد الأنظمة الدولية لمنع التصادم في البحار. ولا يشير ضوء السفينة إلى حجمها فحسب، بل إلى اتجاهها أيضًا. وهذه الأضواء ليست عشوائية؛ فتسمى الجهة اليسرى «جهة الميناء» في حين تُسمى الجهة اليمنى «الميمنة». وتكون أضواء جهة الميناء حمراء وألوان الميمنة خضراء، وبفضل هذه الأضواء تستطيع معرفة اتجاه السفينة.
لا يقتصر التواصل باستخدام الأضواء على الإنسان فقط، بل تستخدمه مخلوقات أخرى. وعلى عكس الإنسان، فلم تضطر هذه المخلوقات إلى اختراع أية أدوات في هذا الشأن؛ بل مُنحت تلك القوى التي تمكنها من إنتاج الضوء وإصداره فيما يعرف بخاصية الضيائية الحيوية. وتُستخدم هذه الخاصية للتزاوج، والدفاع عن النفس، والتواصل، والتخفي؛ حيث تضيء بعض الأسماك لتجذب أخرى نحوها وتنقض عليها.
المراجع
omniglot.com
britannica.com
universetoday.com
todayifoundout.com
brighthubengineering.com
ns1763.ca/tele/morse01.html
inventors.about.com
earthsky.org
Cover Image by macrovector on Freepik