التربة مورد غير متجدد لا يقدر بثمن؛ فهي موطن لآلاف الحيوانات، والنباتات، والكائنات الحية المهمة الأخرى. فتدعم التربة عددًا لا يحصى من النظم البيئية، بالإضافة إلى توفير الغذاء والموارد الأساسية لنا، وتُعد أساسًا للحفاظ على كل أشكال الحياة على الأرض.
تمتلئ التربة بملايين الكائنات الحية التي تتفاعل مع بعضها بعضًا، وتؤثر بشكل هائل على التربة، وتساهم في تكوينها، وهيكلها، وإنتاجيتها. ومع ذلك، يتعرض ثلث التربة في العالم إلى التدهور بنسب متفاوتة لمجموعة مختلفة من الأسباب والعوامل؛ مما يهدد الإمدادات الغذائية العالمية، ويزيد انبعاثات الكربون، وينذر بالهجرة الجماعية.
كيف تبدو التربة الصحية؟
تتكون التربة من عدة أشكال قابلة للتفتت، منها الطين، والطمي، والرمل؛ وجميعها لها خصائص مختلفة مهمة لحياة البشر والكائنات الحية. وتتميز التربة الصحية بمزيج جيد من بنية التربة، ومحتواها العضوي والبيولوجي والكيميائي، ومدى قدرتها على السماح بتغلغل المياه داخلها.
تعج التربة الصحية بأنواع المخلوقات المختلفة التي تشمل المخلوقات المرئية، مثل ديدان الأرض، والحشرات، والفقاريات الصغيرة، وجذور النباتات، بالإضافة إلى أنواع البكتيريا المجهرية، والطحالب، والفطريات، والطفيليات، وغيرها من أعقد أشكال الحياة، مثل الديدان الخيطية، والمفصليات الدقيقة. ولا يوجد مكان آخر في العالم تكون فيه الطبيعة مكتظة بهذا القدر؛ فيمكن أن تحتوي ملعقة صغيرة من التربة على كائنات أكثر من البشر الذين يعيشون على الأرض.
ما عوامل تدهور التربة وكيف تؤثر على الحياة؟
يصف تدهور التربة التأثير الناجم عن انخفاض جودة التربة، ونقص قدرتها على دعم الحيوانات والنباتات، إذ تفقد التربة بعض صفاتها الفيزيائية، أو الكيميائية، أو البيولوجية التي تدعم شبكة الحياة بداخلها. ويُعد تآكل التربة جزء من تدهورها، ويحدث عند فقدان التربة السطحية والمغذيات إما بشكل طبيعي، مثل تآكل الرياح، أو نتيجة الأنشطة البشرية، مثل سوء إدارة الأراضي كالرعي الجائر وأعمال البناء، وقطع الغابات أو حرقها.
تشمل عوامل تدهور التربة أيضًا كشط التربة السطحية الخصبة بواسطة الآلات الثقيلة، ولكن تظل عوامل التعرية المائية والتعرية بفعل الرياح عاملين أساسيين يعيقان تقدم المشروعات الزراعية ويؤثران على إنتاجية الأرض. وعلى سبيل المثال، حصدت الإحصاءات مؤخرًا نسبة فقدان التربة بسبب التعرية بفعل الرياح بمقدار 58–80 طنًا هكتارًا من منطقة ساحل غرب إفريقيا، كما قدرت الخسارة السنوية من التربة على نحو عالمي بمقدار 75 مليار طن، والتي تكلف العالم نحو 400 مليار دولار أمريكي سنويًّا.
كذلك ترتبط بعض أسباب فقدان القدرة الإنتاجية للتربة بالملوحة، إذ تؤدي رواسب الملح التي قد تنجم عن عملية الري بعد جريان الماء إلى تقليل إنتاج المحاصيل بمعدل كبير، وتفقد الأرض قدرتها على الاستزراع على المدى الطويل. ويمكن أن يكون لتدهور التربة آثارًا كارثية على جميع الأصعدة، مثل الانهيارات الأرضية، والفيضانات، والتصحر، وزيادة التلوث، والهجرة الجماعية، وتراجع الإنتاج العالمي للغذاء؛ إضافة إلى تقليل كمية الكربون المختزنة تحت الأرض، كما تتسبب عوامل تدهور التربة في قتل الملايين من الكائنات الحية الدقيقة التي تمثل جزءًا مهمًا من خصوبة الأرض.
شاهد تدهور التربة والعوامل المسببة
ما الحلول الممكنة للحد من تدهور التربة؟
يمكننا مواجهة خطر تدهور التربة بتغيير ممارسات عديدة؛ وأهمها ترك الغطاء النباتي على التربة للسماح للعناصر الغذائية بالعودة إلى الأرض، وتجنب الزراعة الأحادية قدر الإمكان لأنها تؤثر سلبًا على المغذيات بالتربة، مع ضرورة تثقيف المزارعين والشركات حول ممارسات الزراعة المستدامة لتعزيز الاحترام والمسئولية تجاه الطبيعة وتقليل انبعاثات الكربون. وتُعد الزراعة المائية أيضًا شكلًا من أشكال الزراعة الخالية من التربة، إذ تزرع البذور في مياه غنية بالمغذيات عوضًا عن التربة؛ لذا يمكن الاعتماد عليها كأحد الطرق لمواجهة تدهور التربة.
المراجع
sciencedirect.com
isric.com
hindawi.com
encyclopedia.uia.org
Cover Image by freepik