الغلاف المغناطيسي هو نطاق التأثير المغناطيسي للأجسام السماوية؛ فتختلف طبيعته باختلاف حجم الأجسام السماوية وقوة المجال المغناطيسي الذي تولده. وتتميز معظم كواكب النظام الشمسي بوجود طبقة حماية مغناطيسية، باستثناء الزهرة والمريخ؛ في حين تعتبر الأقمار الجليدية مثالًا من الأجرام السماوية التي تفتقر إلى الغلاف المغناطيسي. تتكون هذه الطبقة المغناطيسية من خلال التيارات الكهربائية المتدفقة في الفضاء، وهي في حالة تغير مستمر، حتى أنها تغير اتجاهها كلَّ بضعة آلاف سنة.
ما يحدد الغلاف المغناطيسي لكوكب الأرض هو مجالها المغناطيسي الداخلي وبلازما الرياح الشمسية والمجال المغناطيسي بين الكواكب كذلك. عند حصر هذا المزيج من الأيونات والإلكترونات الحرة - من الرياح الشمسية والغلاف الأيوني للأرض - بفعل القوى المغناطيسية والكهربائية الأكثر قوة من الجاذبية، يتكون تأثيرًا يشبه الرصاصة ينطلق إلى مسافة تصل إلى حوالي 58.000 كيلو مترًا. ويعمل الغلاف المغناطيسي للأرض بمثابة درع واقي يحمينا من نطاق واسع من جزيئات الطاقة الواردة من الموجات الكونية. فتعترض الطبقة العليا من الغلاف الجوي الجسيمات النشطة وتنشرها في جميع أنحاء الغلاف المغناطيسي؛ حيث تكون تلك الجسيمات المحاصرة مسئولة عن حدوث ظواهر طبيعية مثل الشفق وانبعاثات الراديو الطبيعية.
يشبه المجال المغناطيسي للأرض ثنائي القطب المغناطيسي؛ حيث يوجد أحد القطبين بالقرب من القطب الشمالي والآخر بالقرب من القطب الجنوبي الجغرافي. ويميل خط وهمي يربط بين القطبين المغناطيسيين بحوالي 11.3 درجة عن محور دوران كوكب الأرض. لا يوجد فهم كامل لكيفية تشكيل المجال المغناطيسي للأرض، ولكن يُعتقد أنه مرتبط بالتيارات الكهربائية الناتجة عن اقتران آثار الحمل الحراري والدوران داخل اللب الخارجي المعدني السائل المكون من الحديد والنيكل. فيتبع نفس آلية ما يُسمى بـ«تأثير الدينامو»؛ حيث لا يتغير اتجاه المجال المغناطيسي للأرض المنسوب إلى تأثير الدينامو باستمرار.
في الفيزياء، كلُّ مغناطيس له قطبين؛ حيث يمكن تصنيفهما حسب التدفق المغناطيسي. من حيث المبدأ يمكن تسمية هذه الأقطاب بأي شكل من الأشكال؛ على سبيل المثال، «موجب وسالب» أو «شمال وجنوب». وبناءً على استخدام المغناطيس في البوصلات كانت تُسمى بـ«القطب الشمالي» أو «القطب المتجه نحو الشمال»، و«القطب الجنوبي» أو «القطب المتجه نحو الجنوب»؛ حيث يشير القطب الشمالي إلى الشمال، بمعنى أنه القطب المنجذب نحو القطب الشمالي المغناطيسي. ولأن الأقطاب المعاكسة تنجذب إلى بعض، فذلك يعني أن القطب الشمالي المغناطيسي للأرض يمكن تعريفه بأنه القطب الجنوبي المغناطيسي؛ والعكس صحيح، فالقطب الجنوبي المغناطيسي للأرض يمكن تعريفه ماديًّا بأنه القطب الشمالي المغناطيسي.
يوجد داخل الغلاف المغناطيسي غلاف بلازما؛ وهو مجال على شكل كعكة دائرية يحتوي على جسيمات مشحونة بطاقة منخفضة أو بلازما. يبدأ هذا المجال على ارتفاع 60 كيلو مترًا، ويمتد إلى ما يعادل ثلاثة أو أربعة أنصاف قطر الكرة الأرضية؛ حيث يضم الغلاف الأيوني، ويدور هذا المجال مع الكرة الأرضية. ويوجد مجالان آخران متوازيان على شكل إطارات، ويُعرفان باسم أحزمة إشعاع فان ألن؛ حيث تكون الأيونات مرتفعة الطاقة من 0.1 إلى 10 مليون فولت. فيصل الحزام الداخلي إلى ما يعادل نصف قطر الكرة الأرضية أو ضعفه، في حين يصل الحزام الخارجي إلى ما يعادل أربعة إلى سبعة أنصاف قطر الكرة الأرضية. ويتداخل غلاف البلازما مع أحزمة فان ألن جزئيًّا؛ حيث يتراوح مدى هذا التداخل بشكل كبير مع النشاط الشمسي.
يختلف المجال المغناطيسي للأرض عن المجال المغناطيسي لقضيب مغناطيسي. ففي حالة القضيب المغناطيسي، أو أي نوع آخر من أنواع المغناطيس الدائم، يتكون هذا المجال من خلال حركات منسقة من الإلكترونات داخل ذرات الحديد. إلا أن المجال المغناطيسي للأرض لم يتكون نتيجة رواسب الحديد الممغنط، ولكن بسبب التيارات الكهربائية في اللب الخارجي السائل، كما تولد التيارات الكهربائية الناتجة من الغلاف الأيوني المجالات المغناطيسية أيضًا. يتولد مثل هذا المجال بالقرب من الأماكن التي يكون فيها الغلاف الجوي أقرب إلى الشمس، مما يؤدي إلى تغيرات يومية قدد تتسبب في انحراف المجالات المغناطيسية السطحية بمقدار درجة واحدة.
وهناك عدد من النظريات العلمية التي ترجح أن المجال المغناطيسي ناتج عن الطبقة المنصهرة للأرض؛ حيث تحمي كوكبنا من الرياح الشمسية المدمرة التي قد تدمر كل شيء على سطح الأرض، بدءًا من وسائل الاتصال إلى هجرة الحيوانات وأنماط الطقس. هناك أيضًا دليلاً علميًّا يشير إلى أن الغلاف المغناطيسي قد ضعف بنسبة 15٪ خلال الـمائتين سنة السابقة، الأمر الذي قد يُعد علامة على أن أقطاب الأرض على وشك الانقلاب. فعلى مر السنين، لاحظ العلماء أن أقطاب كوكب الأرض قد انقلبت عدة مرات؛ ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن ما يدل على اختفاء المجال المغناطيسي لكوكب الأرض.
المراجع
nasa-usa.de
tokenrock.com
solarphysics.livingreviews.org
هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في مجلة كوكب العلم، عدد ربيع 2017.