بقلم: شيرين رمضان
كانت أميليا إدواردز امرأة استثنائية متعددة المواهب؛ فقد برعت في الفن، والموسيقى، والكتابة، والخطابة. وقد ولدت الروائية، والصحفية، والرحالة، وعالمة المصريات أميليا إدواردز في لندن في عام 1831.
سافرت أميليا إلى كثير من الدول من أجل العمل والترفيه، وجاءت إلى مصر في خريف عام 1873 هربًا من جو أوروبا البارد وأمطارها. فطافت مصر كلها من أجل التمتع بطبيعتها الخلابة، والتعرف على حضارتها القديمة والمعاصرة. تحركت أميليا من القاهرة بمركب نيلي في اتجاه الجنوب؛ حيث زارت معبد فيلة. ومن ثَمَّ واصلت رحلتها حتى وصلت إلى معبد أبي سمبل؛ حيث اكتشفت فتحة صغيرة مربعة أحست أنها قد تقودها لاكتشاف كبير. ومن فرط سعادتها وحماسها لاكتشافها المبدئي جثت على ركبتيها وبدأت تحفر بيديها العاريتين في الرمال.
عند عودتها إلى لندن مرة أخرى، قامت أميليا بنشر كتابها الشهير «رحلة الألف ميل» في عام 1877، الذي تصف فيه رحلتها النيلية في مصر؛ فسرعان ما أصبح من أكثر الكتب مبيعًا في العالم. وقد كان لرحلات أميليا في مصر فضلٌ كبيرٌ في إدراكها لمدى خطورة السياحة والتمدن على المواقع الأثرية؛ حيث شاهدت بنفسها حوادث سرقات وحالات تدمير لتلك المواقع؛ ما جعلها تعقد العزم على التصدي لتلك المخاطر، متسلحة بالدعم الشعبي والبحث العلمي. فلم تكل أميليا أو تمل من الدفاع عن تلك الآثار، والمطالبة بدعم الأبحاث العلمية في ذلك المجال.
قامت أميليا بتعليم نفسها بنفسها اللغة الهيروغليفية حتى أتقنتها تمامًا، وحظيت باحترام العلماء المتخصصين في هذا المجال؛ حيث أرسلوا إليها النصوص الهيروغليفية بهدف ترجمتها. فلم تدخر وسعًا في الدراسة والبحث؛ للوصول إلى الحقائق؛ الأمر الذي ميزها عن غيرها من المؤلفين الذين اعتمدوا بصفة كبيرة على الإثارة والتشويق.
في عام 1882، اشتركت أميليا إدواردز في تأسيس صندوق لدعم جمعية استكشاف مصر، المخصص لدراسة المواقع الأثرية في مصر، وصيانتها، وحمايتها. ولا يزال ذلك الصندوق قائمًا بقوة حتى الآن (لمزيد من المعلومات يمكنك زيارة الموقع الإلكتروني للصندوق: www.EES.ac.uk). فكان لأميليا دورٌ محوريٌّ في الحصول على الأموال عن طريق كتابة مقالات رائجة عن الاكتشافات الأثرية، وكذلك آلاف الرسائل، بالإضافة إلى إلقاء الخطابات، وذلك لمخاطبة المهتمين حول العالم.
شجع حماس أميليا إدواردز وإصرارها على حماية الآثار علماء الآثار الشباب؛ لدراسة مواقع مصر كما ينبغي، ومنهم فلندرز بتري الذي يُعد الأب الروحي لعلم الآثار الحديث. وقد أوصت أميليا عند وفاتها بتخصيص مكتبتها المكونة من 3.000 كتاب، ومجموعتها الخاصة من القطع الأثرية الأصلية، وعديد من النقوش والخرائط، بالإضافة إلى مبلغ 5.000 جنيه إسترليني من ثروتها لدعم كرسي علم المصريات الذي أنشأته بجامعة يونيفرستي كوليدج بلندن. وتُعد مجموعتها الأثرية جوهر متحف بتيري للآثار المصرية بلندن؛ حيث يفوق ما تركته من قطع عدد ما تم العثور عليه وشراؤه من مصر وأوروبا أثناء الرحلات الاستكشافية لبتري.
توفيت أميليا في 15 إبريل 1892، ودُفنت في مقبرة عليها شكل المسلة وعلامة عنخ. لا يوجد أدنى شك أن كلًّا من علم الآثار والمصريات يدين بالكثير لهذه المرأة العبقرية؛ فلا عجب أنه لا يزال يُطلق عليها في إنجلترا «الأم الروحية لعلم المصريات» إلى يومنا هذا.
لمعرفة المزيد عن إنجازات أميليا إدواردز، يمكنك مشاهدة الفيلم التسجيلي على الرابط التالي:
المراجع
www.ucl.ac.uk
www.ees.ac.uk
archyfantasies.com
trowelblazers.com
www.brown.edu/Research/Breaking_Ground/bios/Edwards_Amelia%20Blanford.pdf