يعتمد فن الطهي الجزيئي في تجاربه على إحدى الخصائص؛ وهي التلاعب بحواسك. إن فن الطهي الجزيئي هو أسلوب جديد لتجربة الأطعمة، يعتمد على منهج علمي لخلق أطعمة جديدة. إن الطهاة الذين يستخدمون هذا العلم المتعلق بالطعام عادة ما يطهون باستخدام أدوات الخضَّ، أو النيتروجين السائل، أو الميكروسكوب، أو أشعة الليزر. وكان هدفهم الرئيسي هو إزالة الحدود وتحضير أطباق غير طبيعية.
.jpg)
كما أنهم يعتقدون أن حاسة التذوق ليست المحرك الوحيد عندما يتعلق الأمر بالاستمتاع بالطعام، فالحواس الأخرى؛ مثل حاستي السمع والشم تساعدنا على الاستمتاع بالطعام. فقد أثبت العلماء أنه عندما تأكل الجزر مع تكبير صوت القرمشة من خلال الميكروفونات والسماعات، سوف تشعر بأن الجزرة أنظف وطازجة أكثر من الجزرة التي تأكلها بدون استخدام هذه المؤثرات. أخذ طهاة العصر الحديث هذه المعلومة في الاعتبار أثناء تحضير الأطباق الجديدة.
يسعى فن الطهي الجزيئي إلى استكشاف التحول الفيزيائي والكيميائي لمكونات الطعام والتي تحدث أثناء الطهي. فهذا المنهج الحديث للطهي يستخدم الابتكارات التقنية الموجودة في المجالات العلمية لصالحه، وذلك لخلق أطعمة جديدة فريدة من نوعها. ويطبق هذا الأسلوب البحث العلمي الذي يتم إجراؤه على الطعام؛ حتى يتمكن الطهاة من طهي أطباق تذهل حواسك، وتمنحها المتعة على مستوى أعلى. وقد أدت هذه التجارب إلى أطباق جديدة مبتكرة؛ مثل الجيلاتين الساخن، والكافيار المزيف، والرافيولي الدائري، وآيس كريم السلطعون، وزيت الزيتون الحلزوني، وهذا من بين أمثلة أخرى عديدة.
ويقوم واحد من أفضل المطاعم في العالم بتطبيق أساليب فن الطهي الجزيئي، ويُدعى "البطة السمينة". ويقع هذا المطعم في براي، بيركشاير، في إنجلترا، ويديره الشيف هيستون بلومينثال، وهو مالك المطعم أيضًا. يقوم بلومنثال بتطبيق معرفته بقدرة الدهون على التقاط النكهات؛ وذلك لتحضير طبق به ثلاث نكهات - الريحان والزيتون والبصل - بحيث تشعر بكل نكهة على حدة وبالترتيب.
ومن بين الأطباق المبتكرة في المطعم طبق يُدعى "صوت البحر"؛ حيث تستمع إلى أصوات البحر من خلال جهاز الآي بود أثناء تناول مسحوق ثعبان البحر، والمحار، ومخلل رغوة عصير البصل، وغيرها. سيمنحك هذا الطبق تجربة جديدة سوف تسعد بها حواسك وسوف تستمتع بتناول الطبق.
إن إمكانيات فن الطهي الجزيئي مذهلة، ففي بعض الأحيان يمضي الطهاة سنوات طويلة في تحضير طبق جديد وتعديل قائمة الطعام في محاولة منهم لتحقيق هدفهم الأساسي وهو البقاء على نفس مستوى الابتكار. وقد قام هؤلاء الطهاة بتفجير ثورة في عالم الطهي التقليدي وقاموا بتغيير الصور التقليدية لفنون الطهي مما يمنح الناس المستعدين لتجربة الأطباق الجديدة الغريبة تجربة جديدة عاطفية وحسية.