جزيرة القيامة هي إحدى الجزر البولنيزية الواقعة جنوب شرق المحيط الهادي، وهي واحدة من أكثر الأماكن النائية المأهولة بالسكان على سطح الأرض؛ حيث تقع على بعد حوالي 3.600 كيلومتر من أمريكا الجنوبية. ومع ذلك، فإن انعزالها لم يمنع الناس من الاستقرار بها. وما يجعلها بتلك الشهرة في جميع أنحاء العالم هي رءوس التماثيل التي تزينها؛ ويطلق على تلك التماثيل اسم مواى، وقد أنشأها شعب رابا نوي. وعلى الرغم من روعة هذه الرءوس الكبيرة؛ فإنها كانت سببًا في انحدار شعب رابا نوي. وفي عام 1995، جعلت منظمة اليونسكو جزيرة القيامة موقعًا تراثيًّا عالميًّا، مع بقاء معظم الجزيرة تحت حماية حديقة رابا نوي الوطنية.
استقر الشعب البولنيزي في جزيرة القيامة في الألفية الأولى بعد الميلاد، وصنعوا ثقافة مزدهرة. فحضارة رابا نوي هي إحدى أشهر الحضارات، وهي معروفة بكونها حضارة قضت على نفسها. وفي قمة تلك الحضارة يُعتقد أن عدد سكانها قد بلغ 20.000 شخص، ولكن في قرن لاحق، مع وصول الأوروبيين في عام 1722، انخفض عدد سكان الجزيرة إلى حوالي 3.000 شخص.
وهناك 877 تمثالاً حجريًّا من مختلف الأحجام في جزيرة القيامة، والتي ربما بنيت فيما يقارب 300 عام بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر. والتمثال الأكبر بينها يدعى "بارو"، ويزن أكثر من 80 طنًّا. وكثير من التماثيل لم يتم الانتهاء منها، ولا تزال معلقة بالمقلع الحجري على منحدرات بركان رانو-راراكو، بما فيها تمثال يبلغ طوله حوالي 21 مترًا، ويزن حوالي 270 طنًّا.
ولم يكن مجتمع جزيرة القيامة مجبرًا على قضاء كثير من الوقت في الزراعة، مما منحهم كثيرًا من الأوقات الإضافية لإقامة العديد من الاحتفالات. وكان هناك عشائر مختلفة في الجزيرة، وكان كل رئيس عشيرة يرى أهمية في إقامة الطقوس المفصلة وتشييد الآثار. وهناك أحد المعالم الأثرية المشيدة عبارة عن تماثيل ضخمة تمثل جذع رجل. وقد استغرق بناء تلك التماثيل وقتًا طويلاً جدًّا وكمًّا هائلاً من الأيدي العاملة من الفلاحين. وقد نحتت التماثيل باستخدام الأدوات الحجرية فقط. وكان أصعب ما واجه أهل الجزيرة هو نقل التماثيل إلى موقع الاحتفال. وما حل مشكلة النقل هو ما تسبب في زوال هذه الحضارة.
فبسبب افتقارهم إلى حيوانات الجر، اضطروا للاعتماد على القوة البشرية في جر التماثيل عبر أنحاء الجزيرة باستخدام جذوع الأشجار كبكرات. وكلما تنافس الرؤساء ليصبحوا مرموقين أكثر من خلال إقامة عدد أكبر من التماثيل، تم قطع المزيد من الأشجار، وهو ما أدى إلى إزالة غابات الجزيرة كلها وانهيار النظام البيئي بأكمله. وكلما ازداد التنافس على الموارد، أصبح من الصعب على المزيد من الناس البقاء على قيد الحياة. وهكذا، تضاءل عدد السكان، كما تضاءلت البيئة المتنوعة والخصبة للجزيرة، تاركين خلفهم حفنة من الأحفاد. وفي الآونة الأخيرة، كانت الجزيرة بمثابة تحذير من الأخطار الثقافية والبيئية لسوء الاستغلال.