الشمس قوة جبارة؛ إلا أن البعض يعتبرونها أمرًا مُسَلَّمًا به دون أن يعوا تمامًا قدر أهميتها؛ فدائمًا ما نشكو من حرارة الشمس صيفًا، بل ونتمنى أحيانًا لو أنها اختفت تمامًا! ولكن، هل نستطيع أن نحيا أو حتى أن نتخيل الحياة دون الشمس؟
فالطاقة المنبعثة من مركز الشمس في صورة أشعة ضوئية هي المسئولة عن دعم كل صور الحياة على وجه الأرض تقريبًا؛ وذلك من خلال عملية التمثيل الغذائي، بالإضافة إلى دورها في تنظيم درجة حرارة الأرض ومناخها.
وفي هذه الآونة، يعتمد عالم الصناعة على مصادر الطاقة المتمثلة في البترول، والفحم والغاز الطبيعي، وكلها مصادر يرجع أصل تكوينها بشكل أساسي إلى الطاقة الشمسية؛ إلا أنها مصادر غير متجددة للطاقة وستنضب في يومٍ ما. وحتى يأتي ذلك اليوم، سيظل لعمليات التعدين، والحفر، والمعالجة والإنتاج المتعلقة بالوقود الأحفوري تأثيرات بيئية مدمرة للغاية على الأرض وصور الحياة عليها.
وبوصفها مصدرًا مجانيًّا ومتجددًا للطاقة، فدائمًا ما تمثل الطاقة الشمسية حلاًّ قابلاً للتطبيق لمشكلات الطاقة في العالم، فتأثيراتها البيئية الضئيلة، إن وجدت، تمثل إحدى نقاط قوتها الأساسية عند استبدالها لمصادر الوقود الأحفوري كمصدر أساسي للطاقة.
والشمس هي المصدر الأوليّ لطاقة الرياح؛ فبينما تعمل على تسخين سطح الأرض، يصير الهواء القريب من السطح أكثر دفئًا ويرتفع عاليًا في الغلاف الجوي. وعادة ما تسخن اليابسة بصورة أسرع من المسطحات المائية، كما أنها تبرد بصورة أسرع أيضًا؛ فبينما يرتفع الهواء الدافئ، يترك خواءً جزئيًّا يملؤه الهواء البارد الأكثر كثافة. تلك التحركات الهوائية التي تستثيرها الشمس فوق سطح الأرض هي الرياح، وفي نهاية الأمر، تتحول كل طاقة الرياح إلى طاقة حرارية منتشرة جرَّاء احتكاكها بالكتل اليابسة والغلاف الجوي.
والشمس أيضًا محرك دورة المياه، وهي الدورة التي تسلكها المياه خلال الغلاف الجوي وسطح الأرض. فخلال هذه الدورة، تمد الشمس المياه الموجودة على سطح الأرض بالطاقة الحرارية التي تعمل على تبخيرها وتحويلها إلى صورة بخار ماء في غلاف الأرض الجوي.
وعندما يبرد ذلك البخار ويرتفع عاليًا، تتكون السحب، والتي تتكثف بدورها في صورة قطرات مياه. وبحسب درجة حرارة الغلاف الجوي وعوامل أخرى، تتساقط تلك المياه في صورة أمطار، أو ثلوج أو جليد؛ لتعود مرة أخرى إلى المحيطات، والبحار، والبحيرات، والأنهار والمياه الجوفية.
وكذلك ضوء الشمس هو الوقود الذي يُبقي على حياة النباتات؛ إذ يتكون من إشعاعات كهرومغناطيسية تتخلل الغلاف الجوي للأرض، وتُعد المقوم الأساسي في عملية التمثيل الغذائي. فتستخدم هذه العملية المواد الخام مثل ثاني أكسيد الكربون، والمياه والطاقة الشمسية؛ لإنتاج الأكسجين والكربوهيدرات.
وضوء الشمس هو شاحن الطاقة اللازمة للحياة؛ فمن شأن جرعة يومية منه أن تصنع العجائب من أجل إحساسك بالراحة والصحة بوجه عام. فمن المستحيل تقريبًا أن تستمد الكم الكافي من فيتامين "د" من نظامك الغذائي؛ فالتعرض لضوء الشمس هو الطريق الفعال الوحيد لاكتساب ذلك الفيتامين. وإضافة إلى ذلك، يساعد ضوء الشمس الجسم على إنتاج المغذيات اللازمة للحفاظ على الكتلة العظمية والتقليل من مخاطر هشاشة العظام.
وإلى جانب الحفاظ على الصحة، تعمل الشمس أيضًا على تنظيم ساعاتنا البيولوجية، والتي تساعدنا على المواظبة على جدول منتظم للنوم والاستيقاظ، والذي نحن في حاجة إليه؛ لنؤدي وظائفنا بأفضل صورة ممكنة.
فماذا لو اختفت الشمس؟
إن لم تكن الشمس موجودة؛ فلن يكون هناك أرض أو حياة كبداية. وإن اختفت الشمس يومًا ما لسبب غامض، ستقع الأرض برمتها في ظلام دامس؛ الشيء الذي من شأنه تدمير الإنسان جسديًّا وذهنيًّا. وبدون ضوء الشمس لن يكون هناك نباتات خضراء؛ حيث ستتوقف عملية التمثيل الغذائي. ولن تختفي النباتات فحسب؛ بل والحيوانات العاشبة التي تعتمد عليها كغذاء أيضًا، كما لن تجد الكائنات اللاحمة بدورها أية أطعمة لتتناولها، وبالتالي القورات بما فيها الإنسان.
وعادة ما يكون هناك انخفاض في درجات الحرارة بين شروق الشمس وغروبها؛ فبالتالي، إن اختفت الشمس، ستستمر درجات الحرارة في الانخفاض بنفس المعدل أو بمعدل أعلى؛ حيث تتجمد المياه خارج الغلاف الجوي وتفقد الأرض غطاء السحب. حينها ستصبح الحياة على سطح الأرض كما نعهدها مستحيلة؛ حيث سيتجمد البشر وأغلب مظاهر الحياة على الأرض حتى الموت.
فمن حسن الحظ أنه لم يزل أمامنا مليارات السنين حتى تختفي الشمس. وبالرغم من ذلك، يسعى علماء الفضاء إلى البحث عن كوكب شبيه بكوكب الأرض من باب الاحتياط؛ ولكن، هل سيجدون نجمًا شبيهًا بشمسنا؟
المراجع
ehow.com
en.wikipedia.org
ezinearticles.com
fi.edu
natureschoice.co.za
rawfoodexplained.com
westudent.tripod.com
yale.edu
*المقال الأصلي منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد صيفٌ آمن (صيف 2012).