إجهاد القرار: جديد على خريطة الإنجاز
شارك
هل تساءلت يومًا عن سبب ارتداء بعض المليارديرات ورائدي الأعمال –مثل مارك زوكربيرج وستيف جوبز– ملابس متشابهة بشكل متكرر؟ الإجابة هي الخوف من الإصابة بـ«إجهاد القرار». إجهاد القرار مصطلح مرتبط بعلم نفس الرعاية الصحية، والمقصود به أنه كلما زادت القرارات التي نتخذها، قلت طاقتنا وقدرتنا على التركيز في الأمور المهمة في حياتنا. فمع تزايد القرارات التي يتخذها الأشخاص خلال اليوم، تقل قدرتهم على اتخاذ قرارات جيدة تدريجيًّا، ما يؤدي إلى الإجهاد واتخاذ قرارات سيئة.
وقد أصبح إجهاد القرار شائعًا في مجتمعنا الحالي، نظرًا لتعرضنا لوابل من الاختيارات والقرارات يوميًّا في ظل سيادة منصات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا والاستهلاكية. ولا يقتصر تأثير ذلك على إنتاجية الفرد وعافيته عمومًا فحسب، بل قد يضرُّ بصحته العقلية أيضًا.
ولهذا السبب، نحتاج إلى اكتساب بعض استراتيجيات التأقلم والتكيف لدعم عملية اتخاذ القرار لدينا. وأحد الاستراتيجيات التي حظت بالاهتمام هي «ارتداء زي موحد»، إذ يختار الشخص ارتداء الزي نفسه كل يوم. فمن خلال تبسيط اختيار الملبس، يوفِّر الشخص طاقته العقلية للقرارات الأهم في حياته. علاوة على هذا، يُمكن أن يساهم الزي الموحد في تشكيل الصورة العامة للشخص، من خلال تطوير علامة شخصية ثابتة ومعروفة.
دعمت عدة دراسات في علم النفس والاقتصاد السلوكي مفهوم إجهاد القرار. ومن النقاط العلمية الأساسية الداعمة له نظرية «استنفاد الأنا» التي تقترح أن عمليات التحكم في النفس وصناعة القرارات تستهلك موارد عقلية محدودة. فعندما يتخذ الشخص قرارات عديدة طوال اليوم، تُسنتفد هذه الموارد، مما يؤدي إلى ضعف الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار.
وقد وجدت الدراسات في علم الأعصاب أن المهام صناعة القرار تنشط أجزاء من الدماغ مرتبطة بالتحكم في النفس وبالوظائف التنفيذية. فيُمكن أن تؤدي عمليات صناعة القرارات المطولة إلى زيادة نشاط تلك الأجزاء، وبالتالي الإصابة بالإجهاد.
كما وثقت دراسات رصدية أخرى كيفية ظهور إجهاد القرار على الأشخاص في سياقات مختلفة منها اختيارات المستهلكين، إذ تقل جودة اختياراتهم بعد فترة مطولة من التسوُّق أو مقارنة المنتجات. ومن جهة أخرى، أظهرت تجارب عديدة تأثيرات إجهاد القرار؛ ومنها الدراسات التي أشارت إلى زيادة احتمال تقرير القضاة إعطاء إطلاق السراح المشروط في وقت مكبر من اليوم وبعد الاستراحات، حينما تكون قدراتهم على صناعة القرار غير مستنفدة.
تدعم الأدلة العلمية بشكلٍ عام أن إجهاد القرار ظاهرة حقيقية، وأن تأثيراتها في السلوك والوظائف الإدراكية قابلة للقياس.
المراجع
ncbi.nlm.nih.gov/ PMC4179677
ncbi.nlm.nih.gov/ PMC6119549
theguardian.com
Cover designed by Freepik