أصبحت آلات نسخ المستندات من الأدوات الأساسية في حياتنا اليومية؛ فمن منا لم يستخدم هذه الآلة في وقت ما، سواء لتصوير مستندات أو صفحات من كتب للعمل أو للدراسة؟ ففور الضغط على الزر بآلة التصوير، تخرج نسخة من المستند المطلوب تصويره من الطرف الآخر، ولكن كيف يعمل هذا الجهاز؟ ومَنْ وراء هذه الفكرة العبقرية؟
تمثلت أول تقنية نسخ في العالم في جهاز النسخ الذي اخترعه الاسكتلندي جايمس واط. ففي عام 1779، بدأ واط في تجربة بعض الأساليب لنسخ أوراقه البحثية ورسوماته؛ حتى توصل في نهاية المطاف إلى فكرة كبس الورقة الأصلية على مناديل ورقية رقيقة مما ينتج صورة منعكسة على ظهر المنديل. أجرى واط عددًا من التحسينات على آلته قبل تسجيل براءة الاختراع في عام 1780. ومن مميزات هذا الاختراع أنه ينتج نسخة طبق الأصل من المستند المطلوب نسخه؛ فاستُخدم في نسخ الرسومات بشكل دقيق.
أثناء عمله في مكتب براءات الاختراع في نيويورك، واجه المحامي، والباحث، والمخترع الأمريكي تشيستر كارلسون صعوبة في نسخ عدد كبير من المستندات؛ الأمر الذي كان يستغرق وقتًا طويلاً وتكلفته عالية. فكان هذا دافعًا له لإجراء التجارب حتى توصل إلى وسيلة لنقل الصور من ورقة إلى أخرى عن طريق أسلوب عُرف بـ«التصوير الكهربائي» (Electrophotography، الذي تغير اسمه في وقت لاحق إلى «زيروغرافي»، بمعنى «الكتابة الجافة» باليونانية.
اكتشف كارلسون أنه عند تعرض بعض المواد الكيميائية أو المعادن إلى الضوء، فإن قدراتها التوصيلية - تدفق الإلكترونات - تزيد. ومن ثمَّ استخدم لوحة من الزنك مغطاة بالكبريت، ثم وضع شريحة مجهرية مكتوبًا عليها عبارة «10-22-38 أستوريا» على مزيد من الكبريت، وسلط عليها ضوءًا ساطعًا. عند إزالة الشريحة، بقيت صورة طبق الأصل من الكلمات؛ ولذلك سمى آلته الأولى ـ«10-22-38 أستوريا».
ظل كارلسون يبحث عن مستثمر يساعده على تطوير آلته لعدة سنوات؛ فرفضت أكثر من عشرين شركة طلبه، من بينها شركة أي.بي.إم (IBM) التي اعتقدت أن السوق التجاري لا يحتاج إلى آلات نسخ مستندات. في عام 1944، وافقت شركة معهد باتيل التذكاري على مساعدة كارلسون لتطوير جهازه. وفي عام 1946، وقعت شركة هالويد لتصنيع ورق التصوير الفوتوغرافي اتفاقًا مع كارلسون ومعهد باتيل؛ وقد تحولت شركة هالويد إلى شركة زيروكس فيما بعد.
أنتجت زيروكس أول جهاز نسخ آلي حقيقي في عام 1959؛ حيث كانت آلة النسخ 914، التي حققت نجاحًا باهرًا لشركة زيروكس، قادرة على النسخ بسرعة فور الضغط على الزر. وعلى مدار العشرين عامًا اللاحقة، قدمت شركة زيروكس أكثر من 24 منتجًا جديدًا غيرت العالم.
اليوم، يُعد الزيروغرافي حجر أساس صناعة النسخ في العالم، بما في ذلك شركة زيروكس وغيرها من الشركات التي تنتج أو تسوق لأجهزة تصوير المستندات. وقد ساعدت تكنولوجيا نسخ المستندات الحديثة على تطوير أجهزة رقمية أخرى، مثل الماسحات الضوئية والطابعات التي تعتمد على تقنية الزيروغرافي.
المراجع
bbc.co.uk
inventors.about.com
xerox.com