إذا كنت تقود سيارتك وأنار مؤشر الحرارة؛ فهذا يعني أن نظام تبريد السيارة قد أصبح عاجزًا عن العمل. إذا صممت على قيادتها بهذه الحالة ستتطور المشكلة وتصل إلى الموتور؛ فتضره وتتعطل السيارة تمامًا.
بالمثل، فحتى يعمل الجسم بشكل طبيعي يجب المحافظة على درجة حرارته ما بين 36.7 و37 درجة مئوية. فعندما يكون الجو حارًّا ورطبًا، يدافع الجسم عن نفسه بطريقة طبيعية عن طريق إفراز العرق بغزارة، وعندما يحدث ذلك لا يفقد الجسد المياه فحسب، بل إنه يخسر الصوديوم أيضًا. وإذا استمر الحال على هذا المنوال لمدة طويلة بدون تجديد للسوائل والشوارد التي يفقدها الجسم أثناء التعرق؛ فسيصاب الجسم بالجفاف، وقد يتعرض الفرد للتشنجات أو الإجهاد، أو قد يصاب بضربة شمس.
وتعد الرطوبة عاملاً هامًّا؛ ففي درجات الحرارة والرطوبة العالية يتعرق الشخص ولكن العرق لا يجف على الجلد. فالمشكلة مع الرطوبة العالية، والتي تجعلنا نشعر بحرارة شديدة ليست فقط في الشعور بالمزيد من عدم الارتياح، ولكن في أن درجة حرارة الجسم تكون بالفعل مرتفعة؛ حيث تقوم أجسامنا بالتعويض عن طريق العمل المستمر على تبريد الجسم. وعندما يفشل التعرق في تبريد الجسم وتستمر درجة حرارة الجسم في الارتفاع، يؤدي هذا إلى حرارة زائدة، وفقدان للمياه والمواد الكيميائية التي يحتاجها الجسم؛ الأمر الذي يؤدي بدوره إلى الإرهاق جرَّاء الحرارة والجفاف، وعدم التوازن الكيميائي داخل الجسم.
ويستنزف الجفاف مياه الجسم اللازمة للتعرق، مما يجعل الدم أكثر لزوجة؛ فيتطلب ذلك ضغطًا أكبر لضخه خلال الجسم، مما يجهد القلب والأوعية الدموية. وعندما يصعد الدم إلى السطح الخارجي للجسم، تذهب كمية أقل إلى العضلات، والمخ، والأعضاء الأخرى؛ فتقل القوة الجسدية، ويحدث الإجهاد بسرعة أكبر من الظروف العادية، كما تتأثر أيضًا القدرات العقلية مثل الانتباه سلبًا.
تكون تلك الآثار أكثر وضوحًا وأكثر خطورة وفقًا للعمر، والحالة الجسدية بصفة عامة؛ إلا أن صغار السن، والذين لا يدركون أن أنشطتهم تكون أكثر خطورة في الظروف الرطبة، معرضون للخطر أيضًا.
تعد الحرارة الزائدة حالة خطرة يمكن أن ينتج عنها الآتي:
- التشنجات: ممارسة التمارين الرياضية في الطقس الحار يمكن أن ينتج عنه تشنج للعضلات خاصةً في الساقين؛ وذلك بسبب الخلل المؤقت في أملاح الجسم. وتقل التشنجات كلما كان الإنسان معتادًا على الحرارة.
- الإغماء: يمكن أن يتعرض أي شخص غير معتاد على ممارسة التمارين الرياضية في الحرارة إلى هبوط سريع في ضغط الدم، والذي يؤدي بدوره إلى الإغماء. وكما هو الحال مع التشنجات التي تسببها الحرارة، يكمن الحل في أن تؤخذ الأمور على مهل.
- الإنهاك: فقدان السوائل والأملاح خلال عملية التعرق، أو استبدالها بطرق غير متزنة يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالدوار والضعف. كما يمكن أن ترتفع حرارة الجسم في بعض الحالات، ولكن ليس أكثر من 38.8 درجة مئوية؛ حيث ينبغي أن تتم معالجة الضحايا وخاصة كبار السن في المستشفى. عادة ما يحدث الإنهاك بسبب الحرارة بعد عدة أيام من التعرض لموجة من الحرارة وليس في بدايتها. والحل لمواجة ذلك هو أخذ الأمور بهدوء، وشرب كمية كافية من المياه.
- ضربة الشمس: في بعض الحالات، تتسبب الحرارة الشديدة في خلل بجهاز تنظيم الحرارة في الجسم، مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارته لتصل إلى 40.5 درجة مئوية أو أكثر. وأعراض ضربة الشمس هي الخمول، والارتباك، وفقدان الوعي، ويتطلب حتى الشك في الإصابة بضربة شمس التدخل الطبي العاجل؛ فضربة الشمس يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
ولتفادي المشكلات السالف ذكرها، فيما يلي بعض النصائح التي تساعد على بقاء الجسم باردًا خلال الصيف:
- غيِّر من نظام مرانك الخارجي؛ للاستفادة من الأوقات الألطف جوًّا مثل الصباح الباكر أو ما بعد الغروب. وإذا لم تتمكن من تغيير وقت التدريب الخاص بك، فقلل من الوقت المخصص له، واستبدل الركض بالمشي، أو قلل المجهود الذي تقوم به.
- ارتدِ ملابس فضفاضة ويفضل أن تكون ذات الألوان الفاتحة؛ والملابس القطنية تساعد على تبريد جسمك أكثر من الأقمشة الاصطناعية الأخرى.
- قم بملء زجاجة رشاشة بالماء، واحفظها في الثلاجة؛ للحصول على رشة منعشة سريعة لوجهك بعد العودة من الخارج.
- حاول تخزين المرطبات أو المنظفات التجميلية في الثلاجة؛ لتضعها على الأقدام المرهقة الحارة.
- احتفظ بزجاجات مياه بلاستيكية في الثلاجة، وخذ واحدة وأنت مستعد للخروج من المنزل. فعندما يذوب الثلج، سيصبح لديك مخزون من الماء البارد.
- قم بالاستحمام المتكرر بماء بارد أو فاتر.
- حارب الجفاف عن طريق شرب كميات كبيرة من المياه إلى جانب مشروبات الطاقة أو أى مصدر آخر من مصادر الشوارد.
- إذا كنت ترتدي قبعة، انزعها وقم بوضع بضع قطرات من المياه المثلجة داخلها ثم قم بارتدائها مرة أخرى بسرعة.
- تجنب الكافيين؛ لأنه يتسبب في الجفاف.
- عوضًا عن المأكولات الساخنة، تناول وجبات صغيرة وخفيفة بشكل متكرر تحتوي على الفاكهة الباردة أو منتجات الألبان قليلة الدسم. وهناك أيضًا ميزة أخرى، فسوف يريحك ذلك من طهي الطعام بجانب موقد ساخن.
- إذا كنت لا تمتلك مُكَيِّف هواء، فحاول تمضية بضع ساعات من يومك في مراكز التسوق، أو المكتبات العامة، أو دور السينما، أو في أي مكان عام آخر به مُكَيِّف هواء.
- أخيرًا وليس آخرًا، اتبع حدسك فإذا كانت الحرارة لا تطاق، فابق بالمنزل إن أمكن وتجنب القيام بالأنشطة في أشعة الشمس المباشرة أو على أسطح الأسفلت الحار. اهتم للغاية بكبار السن، والأطفال الرضع، وأي شخص يعاني من مرض مزمن؛ فهم يصابون بالجفاف بسهولة ويصبحون أكثر عرضة للأمراض التي تسببها الحرارة. ولا تنسَ أن الحيوانات الأليفة تحتاج لحماية من الجفاف والأمراض التي تسببها الحرارة أيضًا.
المقال منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد صيف 2012.