خلال فترة الحمل، تعود التغيرات في حواس المرأة - شأنها شأن كثير من التغيرات الأخرى - بشكل كبير إلى الهرمونات؛ فتشعر النساء الحوامل أن كل شيء قد انقلب رأسًا على عقب. فعندما تحمل المرأة، يرتفع مستوى هرمون الأستروجين لديها؛ مما يؤدي إلى احتداد حاسة الشم لديها. وفي بعض الحالات، حتى الرؤية تتغير خلال فترة الحمل.
وعلى صعيدٍ آخر، فإن ربع النساء الحوامل قد سجلن حساسية غير طبيعية في التذوق خلال مراحل الحمل الأولى، بما في ذلك حساسية أكبر في تذوق النكهات المرة، وحساسية أقل في تذوق تلك المالحة. ولكن قد يكون تذوق النكهات المرة - مثل القهوة - بشكل حاد طريقة يدافع بها الجسم عن نفسه لحماية الجنين. بينما يؤدي عدم تذوق النكهات المالحة بشكل جيد إلى استهلاك النساء لكميات أكبر من الملح؛ الأمر الذي يشعرهن بالعطش أكثر، مما يساعدهن على استهلاك السوائل والمغذيات المختلفة التي تحتجنها لدعم الجنين.
حاسة شم خارقة
خلال فترة الحمل، تصبح تقريبًا كل امرأة حامل أكثر حساسية وتفاعلاً مع الروائح المحيطة بها؛ مما يشير إلى زيادة حاسة الشم لديهن تجاه العديد من الروائح.
على الرغم من وجود القليل فقط من البيانات المتسقة والتي يمكن الاعتماد عليها بخصوص حاسة الشم لدى النساء الحوامل، أكد كثير منهن زيادة حاسة الشم لديهن بصورة ملحوظة. وقد استنتج العلماء أن زيادة حاسة الشم لدى بعض النساء هي ما تؤدي إلى شعورهن بالغثيان الصباحي. وقد توصلت إحدى الدراسات أن النساء اللواتي وُلِدنَ بدون حاسة شم - وهي حالة تعرف باسم الخشام - لا يعانين من الغثيان الصباحي خلال فترة الحمل.
ووفقًا لدراسة أجريت عام 2004 تم نشرها في دورية "الحواس الكيميائية"، تبين أن أكثر من 40% من النساء الحوامل اللائي قمن بالاختبار في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل يعانين من الحساسية الزائدة تجاه روائح الطبخ، ودخان السجائر، والأطعمة الفاسدة، والعطور.
وهناك بعض الطرق التي من شأنها مساعدة بعض النساء على التعامل مع اضطرابات الشم. فبالتأكيد، لا يمكنهن اقتلاع أنوفهن، ولكنهن يستطعن تفادي الروائح التي تضايقهن، وخاصة تلك التي تتسبب في ظهور أعراض الغثيان الصباحي؛
- طهو وتناول الأطعمة التي تستطعن استنشاق روائحها فقط.
- ترك النوافذ مفتوحة معظم الوقت إذا أمكن؛ للتخلص من روائح الطهي والروائح الكريهة.
- غسل الملابس بمعدلات أكثر من الطبيعي؛ وذلك لأن الروائح تعلق بألياف الملابس.
- استخدام المنظفات والمنظفات الشخصية عديمة أو طفيفة الرائحة.
- مطالبة من حولهن بتوخي الحذر فيما يتعلق بالروائح، وبالأخص العطور؛ وبالطبع تفادي الأشخاص المدخنين.
- البقاء دائمًا في محيط الروائح التي تشعرهن بالتحسن - إذا وُجدت - فعلى سبيل المثال يساعد كلٌّ من النعناع، والليمون، والزنجبيل، والأعشاب الأخرى على الحد من الغثيان.
وهناك طريقة أخرى للتعامل مع النفور من روائح معينة؛ وهي تناول أطعمة جديدة كبدائل. فعلى سبيل المثال، إذا كانت رائحة البيض المخفوق تنفِّرك من الإفطار، حاولي استبداله بطبق من الحبوب أو الشوفان. وإذا كنتِ في السابق تفضلين تناول شطائر التونة على الغداء، حاولي استبدالها بشطائر الرومي أو الدجاج. كما يمكنك الاحتفاظ بمعطر للهواء ذي رائحة جيدة معكِ طوال الوقت؛ للتغلب على الروائح الكريهة، ولكن تأكدي أن رائحة معطر الهواء لا تزعج معدتك.
حاسة تذوق خارقة
كثير من النساء يختبرن تغيرات في حاسة التذوق خلال فترة الحمل؛ فيفضلن الأطعمة الأكثر ملوحة والأكثر حلاوة. والخلل في حاسة التذوق - وهو انخفاض في القدرة على التذوق - هو حالة تختبرها معظم النساء خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل. كما تختبر بعض النساء مذاقًا معدنيًّا في فمهن خلال فترة الحمل؛ الأمر الذي من شأنه زيادة الشعور بالغثيان، كما يدل على وجود خلل في التغذية.
قد تختلف بعض المذاقات المفضلة لدى النساء الحوامل كل ثلاثة أشهر؛ وعلى الرغم من أن كثيرًا من النساء تختبرن تبلدًا في حاسة التذوق لمدة قصيرة بعد الولادة، فإنهن يستعدن قدرتهن الكاملة على التذوق بعد ذلك. وبينما يرتبط الخلل في التذوق بصفة عامة بفقدان التذوق، فيعتبر الخلل في التذوق الذي يعمل على زيادة حاسة التذوق مشكلة تصيب معظم النساء الحوامل في جميع أنحاء العالم.
ويمكن ربط البدانة التي تصيب النساء الحوامل بالزيادة في حاسة التذوق؛ فالأطعمة التي تحتوي على كثير من السكريات والدهون تمتلئ بالمذاقات القوية. وترجع الرغبة في تناول الوجبات السريعة اللذيذة إلى خلل في مستقبلات المواد الأفيونية في المخ، والتي تعمل على استساغة الأطعمة.
وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعد بعض النساء على التعامل مع الخلل في حاسة التذوق خلال فترة الحمل:
- تنظيف الأسنان واستخدام خيط الأسنان بطريقة منتظمة، والمحافظة على نظافة اللسان؛ للتخلص من الجراثيم والبكتيريا الموجودة بالفم.
- تناول الفواكه الحمضية؛ مثل البرتقال، والليمون، والأطعمة المنقوعة في الخل مثل المخلل؛ حيث تعمل على إفراز كثير من اللعاب الذي يقوم بدوره بإزالة المذاقات السيئة من الفم، كما يحافظ على نظافة الفم والأسنان.
- الغرغرة باستخدام محاليل صودا الخبز المخففة والماء، والتي تعمل على محايدة الأحماض في الفم، وبالتالي تخفيف المذاق المعدني.
- تناول الحلوى بمذاق النعناع، أو الأطعمة الحامضية مثل الليمون، أو الحلوى الحامضية.
- شرب كميات كبيرة من المياه هو أحد أفضل الطرق للتخلص من المذاق المعدني في الفم.
حاسة بصر خارقة
تختبر بعض النساء الحوامل تغيرات في حاسة البصر أيضًا، من بينها قصر النظر. وعلى الرغم من أن الباحثين لم يتوصلوا للآلية البيولوجية وراء التغيرات في النظر، فإن معظم النساء تعود لطبيعتها بعد الولادة.
وتتضمن التغيرات الشائعة في البصر خلال فترة الحمل التشويش، وعدم الراحة عند ارتداء العدسات اللاصقة. وغالبًا ما تختبر النساء الحوامل زيادة في ضغط العين، كما أن النساء اللائي يختبرن تسمم الحمل أو الحمل السكري قد يكن عرضة للإصابة بمشكلات نادرة في العين؛ مثل انفصال الشبكية أو انعدام الرؤية.
يتجادل العلماء حول ما إذا كانت حواس المرأة الحامل المرتفعة تساعدها هي وجنينها أثناء فترة الحمل. فيعتقد بعض الباحثين أن الحساسية تجاه الروائح والمذاقات، والتي تتسبب في الغثيان الصباحي، تساعد الأم؛ حيث تنفرها من الطعام الذي يحتوي على المواد الكيميائية والسموم التي تضر الجنين.
والعلماء الذين يؤيدون تلك النظرية يزعمون أنها تفسر السبب وراء حساسية المرأة الحامل تجاه رائحة وطعم السجائر، والكحول، والخضروات المرة، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين. وتظهر بعض المعلومات أن النساء اللائي يعانين من الغثيان أقل عرضة للتعرض للإجهاض، معللين ذلك بأن الأنف يقوم بعمله من أجل إبقاء الجنين بأمان.
المراجع
www.ehow.com
www.buzzle.com
www.healthline.com
www.babyzone.com
whattoexpect.com.au
science.howstuffworks.com
المقال الأصلي منشور في مجلة كوكب العلم، عدد صيف 2013.