«الوقت مال» مقولة مشهورة تسلط الضوء على أهمية تقدير الوقت وعدم إضاعته في تفاهات. ولكن عندما نضع هذه المقولة قيد التنفيذ، يبدو أنه ليس من السهل تنفيذها في مواجهة هذا العالم المليء بالإلهاء. من المفارقات أنه بالرغم من أن بعض الناس يميلون إلى السعي إلى كسب المال، فإنهم لا يعطون قيمة وقتهم والاستفادة منه إلى أقصى حد الاهتمامَ نفسه.
فقد وضعنا العامان الماضيان في مواجهة مع التحدي المتمثل في استغلال وقتنا بحكمة (اقرأ تحديين آخرين في المقال 1 والمقال 2)؛ إذ أهدرنا كثيرًا من الوقت في السابق في اجتماعات طويلة، أو ازدحام الطرق، وما إلى ذلك. كانت هذه فرصة ممتازة لتحقيق أقصى استفادة من الوقت، ولكن هل كنا مستغلين جيدين للوقت؟
لست متيقنًا من الإجابة بعد؟ لمعرفة كيف يمكن لتقدير الوقت أن يكون ذا أهمية لا مثيل لها، دعونا نلقِ نظرة على مجتمع، الوقت فيه هو عملته والشيء الذي يُبقي الإنسان على قيد الحياة.
في الوقت المناسب
في فيلم الخيال العلمي الأمريكي «في الوقت المناسب»، العملة ليست أوراقًا نقدية بل الوقت. فسكان ذلك المجتمع لا يتقدمون في العمر؛ إذ توقف عمرهم عند سن الخامسة والعشرين، ولكل منهم ساعة على ذراعه تحسب المدة التي سيعيشها. عندما ينفد الوقت، يموتون. كل دقيقة وثانية حتى جزء من الثانية لها أهمية قصوى لاستخدامها بالطريقة الصحيحة وعدم إهدارها.
هذا المجتمع الخيالي ليس ببعيد، فقد عايشناه خلال العام الماضي عندما مُنحنا الوقت. فتمكن البعض من الاستفادة منه، في حين لم يستطع آخرون التعامل معه بحكمة وتركوا الوقت ينزلق من بين أصابعهم. وفي هذا الفيلم، تؤدي إضاعة الوقت إلى الموت بمنتهى البساطة. على هذا النحو، فإن التعامل مع الوقت يتطلب حذرًا حقيقيًّا.
ليس النقص، ولكن حسن الإدارة
أثناء الإغلاق، لم تكن المشكلة الرئيسية التي ظهرت هي ضيق الوقت، ولكن كيفية إدارته بحكمة لتحقيق الاستفادة القصوى منه؛ وإلا فإننا نواجه مشكلة كبيرة. إن المشكلة ليست بالضرورة في المفهوم، ولكن في التنفيذ الخاطئ؛ فأصبحت هناك حاجة ماسة إلى مفهوم إدارة الوقت، بالإضافة إلى مراقبة الطريقة التي نقضي بها وقتنا لتحسين حياتنا.
يمكن تعريف إدارة الوقت بأنها عملية التنظيم والتخطيط لكيفية تقسيم وقتك بين أنشطة محددة، وإنجاز مزيد في وقت أقل. من المحتمل أنك سمعت بمفهوم العمل بذكاء وليس بجهد أكبر، الذي انتشر على نطاق واسع؛ فيمكن أن يرتبط هذا بإدارة الوقت.
تساعدك إدارة الوقت أيضًا على تحديد الأمور المهمة والعاجلة التي يجب عملها الآن، والأمور التي لا تمثل أولوية. ربما الأمر ليس بهذه السهولة في أثناء تطبيقه في البداية، ولكنه سيوفر لك قدرًا كبيرًا من الطاقة والجهد بعد ذلك، وسيجعل حياتك أسهل. يقسم الخبراء إدارة الوقت إلى ثلاثة أجزاء رئيسية: تحديد أولويات المهام والأنشطة، والسيطرة على المماطلة، وإدارة الالتزامات.
مبادئ إدارة الوقت
- رتب المهام حسب الأولوية عن طريق وضع قائمة بكل أولوياتك لليوم أو الأسبوع، وصنفها حسب سرعة تنفيذها أو أهميتها أو عدم أهميتها. هذا يتضمن أيضًا الرد بـ«لا» على الأشياء التي لا تريد عملها أو لا تجدها ذات أولوية في الوقت الحالي.
- تحكم في المماطلة؛ فكلما أجلت مهمة ما، شعرت بالضغط، خاصة إذا كان العمل المطلوب مهمًّا. سيتطلب ذلك تنظيم وقتك (يوميًّا/ أسبوعيًّا/ شهريًّا)؛ والأهم من ذلك، قسِّم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة قابلة للتنفيذ وتحديد مواعيد نهائية قصيرة الأجل لتنفيذها؛ ما يساعدك على إنجاز المهام طويلة الأجل.
- أدر الالتزامات وتذكر أن «الانشغال لا يعني الإنتاج»؛ فاختيار المهام التي تريد أن تقضي الوقت في إنجازها سيوفر لك ضغطه، وستشعر أن حدود وقتك تتسع. يمكن تحقيق ذلك بالتخلي عن الالتزامات غير المفيدة وتحمل مسئولية تلك العاجلة والمهمة.
- تتبع وقتك لإجراء التعديل المناسب. يمكن تحقيق ذلك عن طريق استخدام تطبيقات على الهاتف أو تدوين ما تفعله والمهام التي تعمل عليها في دفتر الملاحظات ثم العودة إليه لمعرفة ماذا فعلت.
- استخدم قائمة المهام؛ فيساعدك ذلك على الحفاظ على تركيزك وتحفيزك عندما تصبح قادرًا على رؤية ما حققته وما تبقى من مهامك.
الآن، أليس هذا الوقت المناسب لاحتضان الهدايا الثمينة التي قدمتها لنا الأعوام القليلة الماضية؟
المراجع
en.wikipedia.org
forbes.com
healthlinkbc.ca
Credits: Banner Image/Freepik
*المقال منشور في مجلة «كوكب العلم»، عدد شتاء وربيع 2021.