تحيط العلوم بنا في كل مكان؛ فهي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لكل فرد منَّا. ولكن بالنسبة لمعظم الناس، تُعتبر العلوم مجرد دراسة للحقائق المعقدة، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بدراسة العلوم في إطار التعليم الرسمي.
ففي التعليم النظامي، ونظرًا لتضخم أحجام المناهج وغيرها من الأسباب المعقدة، عادةً ما تُلقن المعلومات كما هي؛ فلا يشجع المدرسون في كثير من الأحيان الطلاب على التفكير والفضول. بينما يتطلب استخدام التفكير العلمي إشراك الأطفال في عملية المعرفة. لذلك، يتطلب التشجيع على التفكير العلمي أن يرى المعلمون الأطفال على أنهم مفكرين؛ فيجب إعطاؤهم فرصًا متنوعة للاستكشاف والتجربة.
والأطفال علماء بالفطرة؛ فهم فضوليون بطبيعتهم ودائمًا ما يرغبون في معرفة كيفية عمل الأشياء من حولهم وأسباب ذلك أيضًا. وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال يفكرون بطريقة علمية؛ فيبنون التوقعات، ويجرون تجارب مصغرة؛ ليتوصلوا إلى استنتاجات يقومون من خلالها بمراجعة فرضياتهم الأولية في ضوء الأدلة الجديدة. وتعريض الأطفال لعجائب العلوم في سن مبكرة يساعد على تنمية عقولهم، ويزيد من مهاراتهم في التفكير واستخدام المنطق.
ويعتمد مستقبل الإنسانية على المعرفة؛ ولكن قدرتنا على توليد معرفة جديدة واستخدامها بشكل مبتكر يعتمد على الأشخاص المثقفين علميًّا. فمع اقتراب وصول تعداد العالم إلى 90 مليار نسمة في كوكب يتم استغلاله إلى أبعد الحدود، يمكن للعلوم والتكنولوجيا أن تساعد في التصدي للتحديَّات التي نواجهها اليوم؛ بدءًا من إيجاد العلاج للأمراض المميتة، وتخفيف الجوع والفقر، ووصولاً إلى حماية البيئة والكوكب.
لذلك؛ فإن دراسة العلوم في أي نظام تعليمي غاية في الأهمية؛ الأمر الذي يكون جليًّا في دولة مثل مصر، وبالأخص في هذه المرحلة، وهي مرحلة تحفى بالآمال الجديدة وزيادة في الفهم العام. لقد أصبح دور العلم أكثر وضوحًا في بناء الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، وتضييق الفجوة بين مصر وغيرها من المجتمعات المتقدمة والنامية.
بزوغ وسائل توصيل العلوم
تجعل وسائل توصيل العلوم العلم في متناول الصغار والشباب وغير المتخصصين، كما تجعله شائقًا لهم. وأحد أهم أهداف وسائل توصيل العلوم إشراك الأطفال والشباب في العلوم لتصبح جزءًا من تكوينهم؛ فتقدم لهم الفرصة لاختبار الإثارة والمرح اللذين يمكن للعلوم أن توفرهما. والمراكز العلمية من الوسائل الرئيسية لتوصيل العلوم؛ فتعطي العلوم وجودًا في المجتمع، وتتيح الفرصة للناس من جميع الأعمار والخلفيات لطرح الأسئلة والمناقشة والاستكشاف.
إن «نشر العلوم والتكنولوجيا بين طلاب المدارس بشكل خاص وبين الجمهور بوجه عام، وإظهار أهميتهما في الحياة اليومية» مهمة مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية؛ فهو مركز علمي يقوم بتعزيز قيم العلم من خلال مجموعة متنوعة من التجارب والمعارض والأنشطة التفاعلية وغيرها من الأدوات.
ومن الأهداف الرئيسية لمركز القبة السماوية العلمي إنشاء جيل جديد من المفكرين والعلماء المبتكرين. لذلك ينظم المركز عدة برامج وأنشطة، مثل معرض مكتبة الإسكندرية للعلوم والهندسة سنويًّا، ويجمع الطلاب من الإسكندرية والمحافظات المجاورة للتدريب والبحث والابتكار والمنافسة. وتشترك المشروعات الفائزة في معرض دولي بالولايات المتحدة الأمريكية.
إن تقديم الدعم ضروري؛ حتى يتمكن العلم من أداء دوره المطلوب في العالم الحديث والتكنولوجي، كما يجب أن يكون الجمهور على دراية بالأهمية الإستراتيجية للاستثمار في العلوم والتكنولوجيا. ولذلك، علينا تشجيع العلماء الشباب الموهوبين وكذلك الجمهور على التفاعل معهم ودعمهم.
FreepikCredits Banner Image
المقال منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد ربيع 2012.