يشير مصطلح تغذية العقول إلى العمليات المتعلقة باكتساب المعارف وتحسين القدرات العقلية؛ ومع ذلك، فإذا لم تتغذ أجسامنا، فلن تتغذى عقولنا. ولهذا، يجب أن نهتم بتعليم أبنائنا في سن المدرسة كيفية اختيار الطعام الجيد وتنمية العادات الغذائية الصحيحة؛ ليصبح لديهم القدرة على الدراسة، والتعلم، وممارسة الأنشطة البدنية. وبالمثل، سيأمنون من المشكلات الصحية المؤدية للوهن، وتصبح لديهم فرص أفضل لحياة صحية.
الأنظمة والعادات الغذائية الجيدة من الأمور الأساسية في تنمية أطفال المدرسة، ونموهم بشكل سليم، وحمايتهم من الأمراض. وعلى النقيض، فإن الأنظمة الغذائية السيئة وسوء التغذية تؤدي إلى عدد من المشكلات الصحية التي تعوق الأفراد طوال حياتهم.
يحتاج الأطفال إلى تناول غذاء صحي واتباع أنظمة غذائية متوازنة؛ فهم بحاجة إلى تناول ثلاث وجبات يوميًّا، وخاصة وجبة الإفطار قبل ذهابهم إلى المدرسة، فهي تساعدهم على التعلم بشكلٍ جيد. فبينما تنمو أجسادهم وتتطور سريعًا، يحتاجون إلى كميات متزايدة من الغذاء الذي يمدهم بالطاقة، مثل الحبوب؛ ويساعدهم على النمو، مثل الأغذية الحيوانية، والبقوليات، والحبوب الزيتية؛ ويقيهم من الأمراض، مثل الخضراوات والفواكه. لذا، تأكد من أن يشمل نظام طفلك الغذائي مجموعة متنوعة من الأغذية بنسب صحيحة.
والوجبات الخفيفة الصحية بين الوجبات تمد الطفل بالطاقة، وتساعده على النمو بصورة جيدة. ومع ذلك، فلا يعد تناول عديد من الوجبات الخفيفة اللزجة والسكرية والمالحة؛ مثل: السكريات، والشوكولاتة، والحلويات، والمشروبات الغازية جيدًا للطفل؛ فهي لا تساعد جسمه على النمو بشكل جيد، أو تقيه من الأمراض؛ كما أنها قد تتسبب في الإصابة بتسوس الأسنان، وتؤدي إلى زيادة الوزن، والسمنة، وأمراضهما.
يجب أن تُعلِّم الأسر أبناءها كيفية التعرف على الأطعمة الصحية واختيارها؛ فيجب أن يعرفوا الأغذية التي يتناولها ويشتريها أبناؤهم في المدرسة، ويرشدوهم في ذلك إلى الخيارات الصحيحة. وعلى الرغم من أن دور الأسرة أساسي في تشكيل سلوكيات الطفل الخاصة بالتغذية، فإنها لن تتمكن من تحقيق هذا الهدف وحدها؛ حيث إن الثقافة لها تأثير أكبر في معتقدات التغذية وقيمها، وممارساتها.
فيجب أن تدعم المدارس تعليم الأطفال المهارات الأساسية الخاصة بالطعام والتغذية؛ حيث تعد بيئة مثالية لذلك. فهي تساعد الأطفال على تناول الأكل الصحي، ومقاومة الضغوط المجتمعية التي تثبط من عزيمتهم على تناول الطعام الصحي. وفي واقع الأمر، تعد المدارس في مجتمعات عديدة المكان الوحيد الذي يكتسب فيه الأطفال تلك المهارات الحياتية الهامة.
ومن خلال تطبيق أنشطة متنوعة في المدارس، سوف تُنمى العافية والعادات الغذائية الصحية على مدى حياة كلٍّ من الأطفال، والمراهقين، وأسرهم. فعديد من المشكلات الصحية التي يُسببها نقص الفيتامينات والمعادن يمكن منعها أو الحد منها بشكل كبير باستخدام برامج مدرسية فعالة؛ مثل: مشكلات عمى الأطفال الذي يمكن الوقاية منه ويسببه نقص فيتامين أ، والتأخر العقلي والتلف الدماغي عند الأطفال الذي يسببه نقص اليود.
وتلك البرامج المدرسية يجب أن تمزج ما بين ثقافة الغذاء والتغذية في المناهج الدراسية، فضلًا عن إشراك الأطفال في الأنشطة العملية. ويمكن أن تشمل تلك البرامج، على سبيل المثال، زراعة الفواكه والخضراوات في الحدائق المدرسية، وإعداد الطعام، وتحسين الوجبات المدرسية.
أدركت الحكومات أهمية التغذية المدرسية في تطوير ونمو الأطفال، والمجتمعات، والمجتمع ككل. فعلى سبيل المثال، الوجبات المدرسية تساعد الأطفال على النمو والتركيز والنجاح بصورة أفضل؛ كما أنها تدعم التنمية؛ حيث يصبح الأطفال أفرادًا بالغين أصحاء ومنتجين، يتمكنون من كسر حلقة الجوع والفقر.
وفي البلدان الفقيرة تعد الوجبات المدرسية حافزًا للأسر لكي تستمر في إرسال أطفالها إلى المدارس؛ وغالبًا ما تكون تلك الوجبات الوجبة المنتظمة الوحيدة التي يتلقاها الطفل. وقد أوضح برنامج الأغذية العالمي − وهو أحد أكبر مقدمي المساعدات الإنسانية من وجبات مدرسية حول العالم − أن كل دول العالم تقريبًا بها برامج للتغذية المدرسية، وأنه نحو 368 مليون طفل على الأقل من سن رياض الأطفال حتى الثانوية يحصلون على وجبات مدرسية يوميًّا. ولكن للأسف، هناك عدد من الأطفال أكبر من ذلك بكثير لا يستفيدون من هذا البرنامج في دول ذات معدلات فقر عالية.
"قل لي وسوف أنسى. أرني وقد أتذكر. أشركني وسوف أفهم" – مثل صيني.
في دول عديدة، سواء كانت بها وفرة أو ندرة من الإمدادات الغذائية، هنالك أمراض مزمنة ترتبط بالأنظمة الغذائية. ومن الضروري أن نعرف كيف نحقق أفضل استفادة من مواردنا لضمان العافية الغذائية. فالأسر والمدارس لا تتحمل على عاتقها وحدها مسئولية تحسين الأنظمة الغذائية للأطفال. يجب أن تتعاون جميع قطاعات المجتمع من أجل تغذية أفضل، ونظم غذائية جيدة، وكذلك تطوير المهارات الحياتية، وزيادة الوعي البيئي لدى أطفالنا.
المراجع
www.cdc.gov
www.fao.org
www.unicef.org
www.wfp.org
www.who.int